بإرادة فولاذية ثبت البحرينيون مؤسساتهم الدستورية. تجاوزوا في ذلك معاول هدم كثيرة. انتصروا في المعركة الأهم؛ صون المؤسسات.

اليوم يدخلون فصلاً تشريعياً خامساً من عمر تجربة ديمقراطية سابقت البرق. يغشاهم فرح النصر، وعينهم على تحديات كثيرة اجتازت البحرين معظمها بما يشبه المعجزة. غير أننا ندخل مرحلة جديدة، لترتيب الأولويات فيها أهمية متعاظمة.

حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، حدد أمس أولويات العمل الوطني بكثير من الدقة والوضوح: تحقيق التوازن المالي ببرنامج محدد، ومواصلة استقطاب الاستثمارات العالمية والوطنية، خصوصاً في مجال القطاع النفطي الذي يشهد طفرة نوعية باكتشاف أكبر حقل للنفط والغاز في تاريخ البحرين، واستدامة الصناديق التقاعدية لضمان قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الأجيال القادمة.

إنها أكثر من خارطة طريق. برنامج عمل اقتصادي واضح الأهداف والأساليب. عناوين دقيقة للعمل الوطني في هذه المرحلة. للمجلس الوطني الذي يتولى التشريع والرقابة دور فعال في تحويلها إلى قوانين ووقائع.

عناوين ينبغي أن يحولها المسؤولون إلى سلوك يومي، يعكسونه في مبادراتهم ومشروعاتهم وعملهم، كل في موقعه، لتمضي البحرين ثابتة في تحقيق رفاه شعبها.

إن الإرادة البحرينية التي لم يستطع أحد كسرها، قادرة اليوم على اجتراح الحلول، وتنفيذها. فهي إرادة الإصلاح نفسها التي حوّلت المجلس الوطني من فكرة إلى واقع نحتفل اليوم بدخول فصله الخامس.

مثلت الكلمة السامية للعاهل المفدى أمس هذه الإرادة في أبهى صورها. إنها إرادة المرأة التي تجاوزت عصر التمكين، وإرادة الشباب الذي يصنعون الذهب، وإرادة المتقدمين في العمر الذي استحقوا وسام البحرين ولم يمنعهم شيء عن صناديق الاقتراع، وإرادة قواتنا الدفاعية والأمنية وما قدمته من تضحيات ليبقى البحريني مرفوع الرأس.

إرادة شعب، كان لجلالة الملك المفدى فضل إنفاذها وتحويلها إلى واقع ننعم بتفاصيله جميعاً اليوم. ولن ينسى البحرينيون، ولن ينسى التاريخ هذا الفضل.

تطير البحرين اليوم بكل أجنحتها نحو مزيد من العمل والإنجاز، مسنودة بعروبتها وأشقائها وثوابتها وقضاياها القومية، شاء من شاء وأبى من أبى. يقودها ربان السفينة بحكمة متناهية لا تعوزها شجاعة الرجال.

وإن كان هذا العام عام الذهب للشباب يا جلالة الملك فإن أعوام البحرين منذ أن توليت مقاليد الحكم كلها ذهب. شهادة نسجلها للبحرين والتاريخ.