لعل أبرز ما كشفه تقرير التوازن العسكري 2019 في الشرق الأوسط، والذي دشنه، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS»، فرع الشرق الأوسط، الثلاثاء الماضي، بعد نحو 4 أيام من إطلاقه، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، والذي استضافته ألمانيا، «تفوق موازنات البحث والتطوير العسكري لدى الصين على مثيلاتها في الغرب، والذي نتج عنه تقدم الترسانة الصينية كماً ونوعاً، تلبية لاحتياجاتها العسكرية الوطنية، وانتقالها إلى مرحلة توفير بدائل تنافسية للأسلحة والمعدات الغربية من حيث التقدم في مستوى الأداء بسعر أقل، وقدرة الصين على بيع عتاد نوعي لدول يرفض الغرب تزويدها بالسلاح، وهو العتاد المتضمن لقطع بحرية وطائرات مسيرة، لاسيما لدول مثل باكستان، ونيجيريا، حيث ترفض أمريكا بيع تلك الأنواع من الطائرات لها».

وكان لافتاً في الندوة التي ضمت سفراء ودبلوماسيين ومسؤولين عسكريين من عدة دول، والتي استضافها، تحليل التقرير العالمي الأبرز للبيانات المقارنة والتحليلات بين القدرات العسكرية في العدد والعتاد، وبنود الإنفاق العسكري واقتصاديات الدفاع لـ 170 دولة، حيث بلغ الإنفاق العسكري العالمي نحو 1.67 تريليون دولار في 2018، بزيادة بلغت 2% عن 2017.

ولم تقف التطورات العسكرية الصينية عند ذلك الحد بل تحدث التقرير عن «نمو الميزانية العسكرية لدى الصين نحو 8%»، الأمر الذي كشف أن «لدى بكين خطة طموحة لتطوير الذكاء الافتراضي فيما تسرع في خطوات تطويرها لهذا البرنامج في صناعاتها العسكرية». وربما نظر التقرير بشيء من الريبة والقلق لتطور التكنولوجيا العسكرية الصينية، لاسيما وأن الأخيرة دخلت مرحلة جديدة من تطوير العمليات ورفع إمكانيات الدفاع الجوي، على وقع إطلاق بكين 4 قوارب عسكرية العام الماضي، في مقابل سفينتين عسكريتين لكل من الولايات المتحدة واليابان. ولفت التقرير أيضاً إلى أن «منصات الدفاع الجوي الصيني تم تطويرها بشكل كبير، لاسيما بين عامي 2008 و2018، حيث تمكنت بكين من إضافة 52 مدمرة حربية إلى أسطولها، وكذلك دشنت مقاتلاتها الـ«20 J»»، حيث كشفت الصين عن الجيل الجديد من طائرة الشبح المقاتلة، خلال معرض تشوهاي للطيران الذي يمثل أكبر تجمع في البلاد لصناع الطائرات، قبل نحو 3 سنوات، وهو معرض جوي وفضائي دولي تخصصي كبير تضم نشاطاته التعريف بتقنيات الطائرات العسكرية والمدنية، والمعدات الفضائية، وأنظمة الدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية.

وتشير تقارير وتحليلات إلى أن الصين تأمل في أن تعمل تلك المقاتلة - التي تعد من الجيل الخامس والقادرة على التخفي من أجهزة الرادار - على تضييق الفجوة العسكرية مع أمريكا، لاسيما وأن الـ المقاتلة «J 20»، تشبه المقاتلة «إف 22 رابتور»، التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن» لكنها تفتقر المقاتلة الصينية إلى قوة المقاتلة الأمريكية، وفقاً لمحللين أمريكيين.

واذا كانت أمريكا قد أنفقت على الدفاع 10 أضعاف ما انفقته روسيا في هذا المجال، بميزانية دفاع بلغت 643.3 مليار دولار تصدرت على أساسها واشنطن بفارق كبير قائمة الإنفاق العسكري العالمي، وبزيادة في الانفاق بلغت نحو 45 مليار دولار، إلا أنه يبدو أن الحرب القائمة بين بكين وواشنطن لا تقف عند حد التجارة، بل تمتد إلى مجال الإنفاق العسكري حيث حلت الصين، التي تبدو قوة عسكرية صاعدة، في المرتبة الثانية، بإنفاق دفاعي بلغت ميزانيته نحو 168.2 مليار دولار، حيث تعد ميزانية الصين المخصصة للأغراض الدفاعية، أكبر بثلاث مرات من ميزانية روسيا أو الهند، فيما حلت السعودية في المرتبة الثالثة، بنحو 82.9 مليار دولار، وفقاً لتقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS».

ووفقاً لتقرير بثه موقع قناة «سكاي نيوز عربية»، فإن الصين نجحت في تغيير قواعد اللعبة بالنسبة للقوات الجوية الغربية وتجارة الأسلحة العالمية، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي السريع في صناعة الطيران لديها، لا سيما أنظمة الصواريخ «جو جو» التي تطلق من طائرة». وذكر التقرير أن «صواريخ «جو جو» إحدى أبرز الأسلحة الصينية المتقدمة، والتي تكلف مليون أو مليوني دولار، وقادرة على تدمير طائرات بقيمة 150 مليون دولار، وهي طريقة فعالة من حيث التكلفة لمنافسة الولايات المتحدة».

وأشار التقرير إلى أن «الصواريخ الصينية مدعومة برادار متطور يقوم بمسح إلكتروني يجعل التهرب أمراً صعباً بالنسبة لأكثر الطائرات النفاثة تقدماً». وما سبق يتفق مع تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS» الذي تحدث عن تقدم الصين في مجال الصواريخ ذات المدى الراداري المتطور.

وربما أحد الأسباب الرئيسة وراء تسريع الصين لوتيرة تطورها العسكري، محاولة الأخيرة، تدعيم موقفها في نزاعات مع جيرانها على مناطق في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي.

وبينما تتسارع وتيرة التطور في القدرات العسكرية الجوية الصينية، تصر بكين على استعراض صواريخها الباليستية، وهذا ما حدث قبل أيام، حينما استعرض الجيش الصيني أقوى صواريخه الباليستية، أو ما يعرف باسم «الصاورخ الخارق، DF-41»، خلال إحدى التدريبات العسكرية الأخيرة لفرقة «روكيت فورس» في العاصمة بكين، حيث تم عرض رؤوس حربية قاتلة يمكن تثبيتها على الصاروخ أثناء تدريبات حية، وفقاً لما كشفته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، حيث ذكرت أن «الصين تمتلك نحو 2500 صاروخ»، موضحة أن «الصاروخ «DF-41» يمتلك أطول مدى من أي صواريخ باليستية في العالم، ويمكن أن يصل إلى لندن أو واشنطن برؤوس حربية نووية، حيث يبلغ مداه 7500 ميل على الأقل «12 ألف كيلومتر»، ويمكن أن يحمل ما يصل إلى 10 رؤوس نووية».

وتمتلك الصين أيضاً أنواعاً مختلفة من الصواريخ مثل صاروخ «DF-2»، الموجه قصير المدى، إضافة إلى صاروخ باليستي عابر للقارات من نوع «DF-5B» وصواريخ موجهة من طراز «DF-26» طويلة المدى والقادرة على حمل رؤوس حربية نووية وضرب أهداف مهمة على اليابسة والسفن المتوسطة إلى الكبيرة في البحر بدقة، وفقاً لتقرير موقع قناة «سكاي نيوز عربية».

* وقفة:

يبدو جلياً ضرورة تطوير العلاقات الخليجية الصينية على نحو يقدر قوة «التنين الصيني» الصاعد بسرعة الصاروخ في مواجهة قوى عالمية دون استهانة بالتفوق التجاري ليبلغ أوجه في التطور الدفاعي والعسكري!!