حسب التحركات الدبلوماسية الدولية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية والتي قادها ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إلى الهند وباكستان والصين، وبعدها تم عقد القمة العربية الأوروبية بعنوان «الاستثمار في الاستقرار» في شرم الشيخ، فإن الرؤية بدأت تتضح شيئاً فشيئاً بخصوص الأحداث القادمة.

ومن الأمور التي من الواضح تبيانها أن المملكة العربية السعودية كلاعب رئيس في العالم فإنها تذهب نحو عقد تحالفات قوية مع الدول الآسيوية ذات الإمكانيات المتعددة، فالصين مثلاً وهي الثانية على مستوى النمو الاقتصادي بعد الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تمثل شراكة حقيقية مع السعودية في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين بهدف خلق روابط مهمة تسهم في دعم الرياض في الملفات ذات الأهمية في المؤسسات الدولية لاتخاذ قرارات مصيرية تسهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط، إلا أن النقطة المشتركة في زيارة ولي العهد السعودي أن الصين وباكستان والهند يملكون ترسانة نووية لا يمكن الاستهانة بها.

كما أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تمثل تهديداً لإيران المعزولة عن العالم بعد أن فرضت واشنطن عقوباتها الاقتصادية من الحزمة الأولى والثانية، وبذات الوقت فإن القادة العرب التقوا بالقادة الأوروبيين بشرم الشيخ، فقد حرص خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على حضور هذه القمة من أجل إيضاح الصورة للأوروبيين بشكل مباشر بشأن الخطر الإيراني بالمنطقة، وأن استمرار سلوك طهران العدواني سيتسبب بفوضى ويجب على الدول الأوروبية المؤثرة العمل على مناصرة تلك الجهود الداعمة لمحاربة الإرهاب والدول الراعية للكيانات والإفراد الإرهابية.

ومن هنا اتضحت الرؤية أن المملكة العربية السعودية تمارس دورها في دعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، حيث اجتمعت مع قوى الشرق والغرب في أقل من أسبوع، وعقدت العديد من الصفقات والتحالفات الثنائية التي ستنعكس في الأيام القادمة للضغط على النظام الإيراني في الانسحاب من سوريا والعراق وبذات الوقت كف اليد عن دعم الحوثيين في اليمن.

واستمراراً في ذلك، فإن الحل السياسي مع الحوثيين بات بعيداً بعد انتهاكهم لجميع الهدنات التي عقدت وآخرها ما تم إقراره في اتفاق السويد، فإن العمل على استئصال الحوثيين باليمن سيكون هو الهدف القادم الذي تطمح إليه دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، فإن المرحلة القادمة لن يكون هناك خط للحياد في هذا الجانب، وإن بقاء الحوثيين أكثر من ذلك بعد إضعاف الإمدادات الإيرانية لهم، فإن دول التحالف ستضاعف جهودها الدبلوماسية والعسكرية بنفس المستوى لحصار الحوثيين للوصول لمرحلة الاستسلام.

وبالدخول في تفاصيل أكثر عمقاً، فإن بقاء الحوثيين على هذه الوضعية يهدد الممر المائي الأبرز هو باب المندب والذي يعتبر الشريان الرئيس للتجارة بين أوروبا والدول الآسيوية ودول شرق أفريقيا، فإن المملكة العربية السعودية وبما تملك من معلومات تؤكد أن الحوثيين لديهم آليات تهدد مستقبل التجارة الدولية بين الدول الكبرى الأوروبية والآسيوية والأفريقية، وإن عدم جدية بعض الدول في اتخاذ موقف داعم لدول التحالف العربي في محاربة الحوثيين سيمثل تهديداً للتجارة العالمية.

وبالتالي فإن المملكة العربية السعودية كقائدة لدول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن تستنفر الشرق والغرب لمحاربة الحوثيين وإزالة خطرهم، وإن التخاذل الحاصل حالياً من بعض الدول تجاه الجهود الداعمة لمحاربة الإرهاب سيضر المساعي الداعمة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين المنشودين، وأرى أن المملكة العربية السعودية لم تستخدم أوراقها كاملة للتعامل مع الحوثيين ولاستئصالهم فتلك الأوراق لا يمكن الرهان عليها من دون إعطاء الدول المؤثرة على القرار الدولي فرصة لتغيير مواقفها بشأن الحوثيين من جانب وسلوك إيران العدواني من جانب آخر.