أبوظبي – صبري محمود

وجه نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتطوير قمر صناعي متقدم لأغراض مراقبة الأرض والتغيرات البيئية والمناخية، ليكون بمثابة هدية من دولة الإمارات إلى الدول العربية، حيث سيعمل على تصميم وتصنيع القمر الصناعي عدد من المهندسين والشباب العرب من الدول التي وقّعت على ميثاق تدشين المجموعة الأولى من نوعها في العالم العربي.

جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثانية من "مؤتمر الفضاء العالمي"، الذي انطلق في العاصمة الإماراتية أبوظبي وتنظّمه وكالة الإمارات للفضاء.



كما تم توقيع ميثاق تأسيس "المجموعة العربية للتعاون الفضائي" التي تجمع تحت مظلتها 11 دولة عربية، هي الإمارات والبحرين ومصر والسعودية والجزائر والمغرب والكويت ولبنان والسودان وعمان والأردن.

وسيتم تطوير المشروع ضمن المرافق المتقدمة التي تتمتع بها دولة الإمارات لتصنيع الأقمار الصناعية، وبالاستفادة من الخبرات الإماراتية التي جمعتها خلال مهامها السابقة في مشاريع تصنيع الأقمار من مختلف الأنواع والأحجام والأغراض.

وقال سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "شهدنا اليوم انطلاق أعمال مؤتمر الفضاء العالمي في أبوظبي وشهدنا أيضاً توقيع ميثاق لتأسيس أول مجموعة عربية للتعاون الفضائي تضم 11 دولة عربية وأول مشاريعها سيكون قمراً صناعياً سيعمل عليه العلماء العرب من هنا من دولة الإمارات شخصياً أنا مؤمن بقدرات العقل العربي".

وأضاف سموه "أسمينا القمر الصناعي الذي سيعمل عليه العلماء العرب، 813، وهو تاريخ بداية ازدهار بيت الحكمة في بغداد في عهد المأمون.. البيت الذي جمع العلماء وترجم المعارف وأطلق الطاقات العلمية لأبناء المنطقة".

وقال إن "منطقتنا منطقة حضارة.. وشبابنا بناة حضارات.. لا بد أن نؤمن جميعاً بهذا المبدأ".

وأكد أن "الإمارات تقود الحراك العربي في قطاع الفضاء، ولدينا إيمان بقدرات العقل العربي والعلماء العرب"، لافتاً إلى أنّ "أمتنا العربية لديها من العلماء والخبرات العلمية والطاقات الاستثنائية ما يؤهلها لخوض سباق التطوير والابتكار في قطاع الفضاء وتحقيق التفوق والريادة".

وأعرب عن فخره بالريادة الإماراتية في علوم الفضاء، قائلاً، "أطلقنا قبل أشهر أول قمر صناعي بأيد إماراتية.. ونعمل على بناء أول مسبار عربي وإسلامي إلى المريخ.. وطموحنا أن نسجّل نجاحات عربية في أبعد نقطة في الكون"، مضيفاً "نمد أيدينا وخبراتنا ومواردنا أمام العلماء العرب الذين يشاركوننا الحلم والطموح لبناء مستقبل أفضل لأمتنا".

وختم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقول ان "القمر الصناعي رسالة توجهها دولة الإمارات إلى الشعوب العربية بأننا من خلال العمل المشترك نستطيع أن نبني مستقبلاً زاهراً للجميع".

وشهد سمو الشيخ محمد بن راشد خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، عرضاً مصوراً عن إنجازات القطاع الفضائي الوطني في دولة الإمارات، إلى جانب لمحة عن فعاليات مؤتمر الفضاء العالمي، كما قام سموه بجولة في المعرض المصاحب للمؤتمر، متفقداً عدداً من منصات الشركات الوطنية والعالمية المشاركة، ومطلعاً على عدد من المشاريع الخاصة بوكالة الإمارات للفضاء.

وأكد رئيس مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأمريكية، العالم المصري د. فاروق الباز، أنه "يعمل منذ اكثر من 30 عاماً في هذا المجال"، واعرب عن سعادته أن "يكون تلاميذه من بين المتحدثين في المؤتمر".

وأكد "أهمية أبحاث الفضاء والاستفادة منها في دعم الاقتصاد العربي"، مشيراً الى أن "الامارات انطلقت في هذا الاتجاه وهذا سوف يؤثر على العالم العربي كله".

ويأتي تدشين "المجموعة العربية للتعاون الفضائي" في أبوظبي بمبادرة من دولة الإمارات وبمشاركة 11 دولة عربية، تسعى من خلالها إلى إطلاق منظومة تجمع المقدرات التقنية والمؤهلات والكوادر العلمية لتعمل على مشاريع متقدمة تعزز مساعي المجتمع العلمي العالمي نحو استكشاف الفضاء الخارجي، إلى جانب رعاية مبادرات وبرامج لتأهيل وتدريب الكوادر القادرة على إعداد أجيال من الشباب العربي الذي سيدفع بالمشاريع المشتركة إلى تحقيق أهدافها.

ويركز مؤتمر الفضاء العالمي من خلال أجندة أعماله على الفرص التي يوفرها القطاع الفضائي للتعاون وتشكيل الشراكات، إلى جانب التعرف على أحدث البرامج الفضائية للدول وأكثرها حيوية، وبحث التعاون والتكامل فيما بينها.

وأكد وزير الدولة الاماراتي لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، د. أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي، أن القطاع الفضائي العالمي يقف على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها التطور التكنولوجي، ويدخل فيها المزيد من الدول على خط الأنشطة الفضائية، وتشهد تزايد الطلب على مختلف الخدمات الفضائية وتنامي دور القطاع الخاص.

وأكد أن دولة الإمارات هي خير مكان لاستعراض هذه الفرص كونها صاحبة أكبر قطاع فضائي على مستوى المنطقة.

وشهد المؤتمر مشاركة عالمية واسعة من رؤساء وكالات الفضاء حول العالم، إلى جانب مديرين تنفيذيين من شركات رائدة في مجال الفضاء والطيران، فضلاً عن ممثلي الهيئات والمنظمات والمؤسسات الحكومية، وأبرز الباحثين والأكاديميين، وذلك لمناقشة مجموعة من الموضوعات والقضايا الهامة المرتبطة بالقطاع، من السياسات والاستراتيجيات وأبرز المشاريع الفضائية إلى أحدث ما وصلت إليها تكنولوجيا استكشاف الفضاء وسُبل تطوير الكوادر المؤهلة لقيادة القطاع، بالإضافة إلى الترويج لتطوير تكنولوجيا الفضاء، وتحليل وتطوير استراتيجيات الفضاء التجارية.

وأعلنت وكالة الإمارات للفضاء عن خططها لإرسال مجموعة من بذور النباتات إلى المحطة الفضائية الدولية، وذلك لدراستها من قبل رواد الفضاء على متن المحطة للوصول إلى إمكانية زراعتها في الفضاء الخارجي.

وأوضحت الوكالة أن "البذور التي سيجري إرسالها إلى المحطة هي لأشجار النخيل والغاف، حيث سيجري اختبار تحملها للظروف الفضائية مثل انعدام الجاذبية واحتياجها للماء وغيرها من التجارب".

وبهذا الصدد، قال الدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي مدير عام وكالة الإمارات للفضاء " تأتي المبادرة المهمة ضمن المستهدفات الاستراتيجية للوكالة والرامية إلى تشجيع جهود البحث العلمي والابتكار، إلى جانب إعداد الجيل القادم من قادة القطاع الفضائي عبر مجموعة من البرامج التعليمية، وهي بلا شك ستحفز العديد من الطلبة في الدولة على تعزيز فهمهم لمواضيع الزراعة في الفضاء وغيرها ذات الصلة".