أي مشروع إصلاحي لا بد من أن يبدأ من القاعدة لا من القمة، والأمر ينطبق على إصلاح حال أنديتنا الرياضية التي تعاني الأمرين من مشاكل وقضايا إدارية ومالية في زمن باتت تسيطر فيه المادة على كل مناحي الحياة داخل هذه الأندية، فيما انحسرت فيه المبادرات التطوعية ومبادئ الولاء والانتماء إلا من رحم الله..
وسط هذا الوضع المأساوي يظهر علينا من ينادي بالتحول إلى الاحتراف، ومن ينادي بإدراج الأندية في السجلات التجارية والبورصة، وكأننا قد بلغنا أعلى درجات الكمال الذي يحفز على تفعيل الاحتراف، ويرفع أسهم أنديتنا في أسواق المال!

من ينادون بمثل هذا التحول عليهم أن يستفيقوا من أحلامهم الوردية، وعليهم قبل أن يطلقوا نداءاتهم أن يعاينوا أحوال الأندية الرياضية التي يعتمد أغلبها على الإعانات المالية التي تقدمها لهم وزارة شؤون الشباب والرياضة، أو على دعم بعض الرؤساء أو على بعض المشاريع الاستثمارية المتواضعة وكلها في نهاية الأمر لا تغطي احتياجات تسيير النشاط الرياضي بالشكل الذي يلامس الطموحات!

ليس هذا فحسب بل أن جل هذه الأندية تدار باجتهادات شخوص من الإداريين من دون تفعيل دور مجلس الإدارة الذي يبقى مجلساً صورياً في أغلب الأحوال مما يؤثر سلباً على نشاط النادي!

حتى الجمعيات العمومية لهذه الأندية لم يعد لها ذلك التأثير والأهمية التي كانت تتمتع بها في سنوات مضت بل نجد من يتقاعس في الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية للأندية رغم وجود أكثر من طلب من أكثر من ناد بحسب تصريحات مسؤولي هذه الأندية!

لذلك قبل أن ندعو إلى التحول إلى الاحتراف، وقبل أن ندعو إلى إدراج الأندية في سوق الأوراق المالية علينا أن نبدأ إصلاح أحوال الأندية لكي نجعلها قادرة على التحول إلى الاحتراف و مؤهلة لدخول مضاربات البورصة ..

نحن بحاجة ماسة إلى تفعيل الجمعيات العمومية، تسهيل وتيسير إجراءات المشاريع الاستثمارية المعطلة، إعادة النظر في اشتراطات الترشح لعضوية مجلس الإدارة مع مراعاة أهمية التخصص في بعض المناصب وفي مقدمتها منصب الأمين المالي وضرورة تفعيل الدور الرقابي من قبل الوزارة إدارياً ومالياً ..

إذا نجحنا في تفعيل هذه الجوانب سنكون قد وضعنا القاعدة التي تضمن لأنديتنا مستقبلاً إيجابياً خال من الفساد الإداري وخال من الديون يقودنا بثبات نحو الاحتراف واقتحام سوق الأوراق المالية كمؤسسات رياضية خاصة ولذلك يجب أن تبدأ عملية الإصلاح من القاعدة لا من القمة!