ما أروعك أيتها الأم فأنت تتحلين بأرقى لقب في الوجود، وأهم وسام تناله أية سيدة إنه لقب «الأم»، فالأمومة تحمل في طياتها معاني كثيرة ولعل أهم تلك المعاني «التضحية والإيثار»، وتضحيات الأمهات كثيرة، ولكن دعونا نقف عند تضحيتها في شهر رمضان، وخاصة عندما تكون الامتحانات خلال هذا الشهر الفضيل، ففي هذا العام تجرى امتحانات نهاية العام الدراسي في النصف الأخير من شهر رمضان، وهنا تبدأ حالات الاستنفار بين الأسر حيث يستعد الأبناء للامتحانات.. ويقع العبء الأكبر هنا على الأم والتي تتحمل مسؤولية متابعة مذاكرة الأبناء والإشراف على تحصيلهم العلمي، وربما تدريسهم وذلك للتحضير للامتحانات، فما تقوم به الأم هذا العام يعد جهداً غير عادي ومميزاً، لا سيما الأم العاملة، فكل هذا الجهد المبذول للتحضير للامتحانات يكون إضافة إلى الأعباء التي اعتادت أن تتحملها في هذا الشهر الكريم وهذا الوضع قد يتسبب في أن تقلل الأم الوقت الذي تخصصه للعبادة في رمضان مثل قراءة القرآن وأداء صلوات السنن، كالسنن الراتبة، وصلاة التراويح، وصلاة القيام وغيرها فهي تستيقظ مبكراً لمساعدة أبنائها للاستعداد للذهاب للمدرسة، كما تقضي الأم العاملة ساعات الصباح في عملها، ثم تعود من عملها لتقضي باقي ساعات النهار في المطبخ للاستعداد لإعداد الإفطار للأسرة، وترتيب شؤون المنزل ومن ثم متابعة الدراسة لأبنائها استعداداً للامتحان، ويبقى السؤال: كم ساعة بقيت من اليوم لتخصصها الأم للعبادة؟ فهي تبذل هذا الجهد يومياً كل ذلك في سبيل توفير الجو الملائم للدراسة، وللصيام لأفراد أسرتها في أفضل الظروف. ناهيك عن الوقت الذي تبذله الأم للتحضير للاحتفال بالعيد، وللاحتفال بالقرقاعون.

عزيزتي الأم... دعينا نذكرك أن لنفسك عليك حقاً، ولعل أهم تلك الحقوق أن تقتطعي وقتاً مناسباً للعبادة لتنالي الأجر والثواب من الله عز وجل لا سيما في هذا الشهر الفضيل الذي تضاعف فيه الحسنات، فهذا الوقت الذي تخصصينه للعبادة هو الذي ستفوزين به في آخرتك. فابتدعي الأساليب والطرق لتوفري الوقت والجهد في الأعمال المنزلية لتنجحي لتخصيص وقت للعبادة، وذكري أفراد أسرتك بحقك في تخصيص وقت للعبادة من قراءة قرآن أو صلاة دون مقاطعة او إزعاج.

عزيزتي الأم... أنت سيدة الموقف في منزلك فعودي أفراد أسرتك على الاعتماد على النفس في تجهيز احتياجاتهم أو تنظيف غرفهم فذلك سيخفف عليك الكثير من الأعباء. وعودي أفراد أسرتك على التعاون تظفري. فإن تعودوا على أن يتكلوا عليك فأنت الطرف الخاسر.

عزيزتي الأم... أنت سيدة الموقف في منزلك فعودي أفراد أسرتك على أن يجتهدوا لمنحك حقوقك، كما تجتهدين أنت لمنحهم حقوقهم فالحياة أخذ وعطاء.

عزيزتي الأم... بين يديك فرصة لنيل الأجر والثواب تتفردين بها عن غيرك، فما تبذلينه من جهد لخدمة أفراد أسرتك هو عبادة تؤجرين على فعله لا تتاح لغيرك فتنالين بهاالأجر والثواب بإذن الله، لاسيما في رمضان حيث تتضاعف الحسنات، فاحتسبي هذا الجهد لله تظفري، وادعي الله أن يتقبل منك جهدك في خدمة أسرتك. فرعايتك لهم ما هي إلا تكليف من الله عز وجل لكِ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإمام راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع، وهو مسئول عن رعيته»، «رواه البخاري»، فاحتسبي جهدك في رعايتك اسرتك عبادة وطاعة لله وتذكري أن ما تبذليه من جهد لإسعاد أطفالك في رمضان يكون من باب تحببينهم في هذا الشهر الفضيل فتزرعين فيهم حب العبادة والصيام ولك في ذلك الأجر والثواب، فأنت تتفردين بهذا الأجر عن غيرك فاغتنمي الفرصة، وليكن عطاؤك لأسرتك بحب وسكينة، وابتعدي عن الشكوى والتذمر والتأفف فذلك يهدم ما تبنينه من جهد. فتقبل الله منك عبادتك وجهدك.