نشر فريق التحرير بأحد المواقع الإلكترونية أخيراً مقالاً عن خطابات حسن نصرالله وتهديداته وشتائمه التي لا تتوقف لكل من يتخذ من النظام الإيراني موقفاً. أهمية المقال تكمن في أنه لخص حالة نصرالله وحالة إيران وعراهما. جاء في المقال «بين الحين والآخر يظهر أمين عام حزب الله حسن نصرالله في خطاب لجمهوره في لبنان من وراء الشاشات، وغالباً ما تتسم كلماته وخطاباته بالشعارات وتهييج الجماهير للتصفيق والهتاف باسم إيران، فقد تحول منذ سنوات طوال إلى ناطق باسم خارجيتها تستنفره لتمرير رسائلها باستعراض عضلاته الصوتية التي لم تعد ذات جدوى»، وجاء فيه أيضاً «نصرالله أثار سخرية واسعة، عندما هاجم الدول العربية والإسلامية واعتبرها عميلة للأمريكيين والإسرائيليين، دون أن يغفل الدفاع المستميت عن إيران وتدخلاتها العسكرية في المنطقة والتباكي على الحوثيين في اليمن، والشماتة بالسعودية والإمارات إزاء استهداف السفن والناقلات وخطوط النفط مؤخراً، بينما راح يطمئن جمهوره وجمهور إيران بأن ما سمّاه «محور المقاومة»، قادر على إسقاط كل المخططات والدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية التي اعتاد إقحامها كجرعة حماس خطابي لذر الرماد في العيون».

هذا هو التوصيف الدقيق لحالة نصرالله ولحالة إيران، فنصرالله تحول إلى متحدث باسم النظام الإيراني ومدافع عنه ومبرر لإخفاقاته، يمرر الرسائل المطلوب منه تمريرها، فتحول بذلك إلى ظاهرة صوتية معدومة القيمة. ولأن موقف النظام الإيراني ضعيف لذا لا يجد نصرالله سوى التباكي والشماتة بالدول التي اتخذت على عاتقها مواجهة النظام الإيراني وخصوصا السعودية والإمارات، وإلا ما هو مبرر تباكيه على الحوثيين في اليمن وشماتته بالسعودية والإمارات بعد استهداف السفن والناقلات وخطوط النفط؟

المثير في هذه الخطابات أن الجمهور لم يعد يصدقه، فكل ما ظل يردده نصرالله عما أسماه «محور المقاومة» لم يجد الجمهور ترجمة له على أرض الواقع. كل ما قاله عن قدرة هذا المحور على «إسقاط المخططات والدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية» لم يحدث واقعا ولا يمكن أن يحدث لسبب بسيط هو أن هذا الأمر يحدث في حالة عدم اتخاذ القضية الفلسطينية والقدس بضاعة يتم المتاجرة بها.

نصرالله والنظام الإيراني تاجرا في القضية الفلسطينية طويلاً ولايزالان يتاجران فيها، وواضح أنهما يدركان أن توقفهما عن هذا الأمر يعني نهايتهما، فبالحديث عن القضية الفلسطينية وأوضاع الفلسطينيين يسهل السيطرة على الجمهور العربي والإسلامي وتمرير كل ما يراد تمريره. والحال نفسه صار مع الحوثيين في اليمن حيث عمد إعلام النظام الإيراني و»حزب الله» إلى التركيز على النساء والأطفال الذين يعانون جراء ما يجري وإظهار ذلك على أنه من فعل السعودية والإمارات والمتحالفين معهما.

من تابع خطاب نصر الله في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يسهل عليه تبين كيف أنه تحول إلى بوق للنظام الإيراني ومدافع عن أخطائه وتجاوزاته، ومن تابع المظاهرات التي خرجت في ذلك اليوم يسهل عليه تبين كيفية متاجرة النظام الإيراني بالقضية الفلسطينية وكيف أنه مستمر في سعيه إلى ترسيخ فكرة أنه الوحيد الذي يدافع عن هذه القضية، ومستمر في الترويج لفكرة أن الدول العربية كلها لا تقوم بواجبها تجاه هذه القضية.

كلما أراد النظام الإيراني تمرير فكرة ما أو الترويج لمشروع ما أو التهجم على دولة ما فتح فضائياته لنصرالله ليقوم بذلك، لأنه ينفذ ما هو مطلوب منه على أكمل وجه ويحقق كل الأهداف المراد منه تحقيقها. لكن لأن الجمهور بدأ يعي هذه اللعبة لذا فإن أعداد الذين ينخدعون بتلك اللغة وتلك الخطابات في تناقص لافت.