تصلني هموم كثيرة لمواطنين باتوا يرون المستقبل بشكل مخيف، وبصراحة القول هم لا يلامون، لأن الحياة بنفسها ماضية لتكون أصعب، لتكون أكثر تعقيداً، بينما المؤشرات تبين بأن الأوضاع لن تتغير.

لسنوات طويلة والناس يرددون مطالب عديدة مختلفة ومتنوعة، لكن الغالبية منهم إن لم يكونوا كلهم يتفقون على مطلب واحد معني بضرورة زيادة الأجور، لتتناسب أقلها مع ارتفاع الأسعار في كل شيء.

ندرك تماماً أنه مع الوضع الاقتصادي الذي نعيشه، ومع التحديات المختلفة على جميع الأصعدة، ووجود ملف هام ومعقد يتوجب التعامل معه بجدية لإنهائه، وأعني هنا العجز العام، فإن زيادة التكلفة على الميزانية أمر غير متوقع.

طيب، لا زيادة في أجور المواطنين العاملين في القطاع العام، باعتبار أن الحكومة مسؤولة عن رواتب الموظف الحكومي، بينما القطاع الخاص لديه جوانب مشتركة بين أرباب العمل الخاص وبين التأمين والضمانات التقاعدية التي تأتي من جانب الحكومة.

طالما أنه لا زيادة تلوح في الأفق، فإننا بالتالي لا يجب علينا ترك المواطن يعاني من ارتفاع مطرد ومستمر للأسعار، وهنا لست أتحدث فقط عن أسعار السلع الاستهلاكية، سواء المواد الغذائية أوغيرها، بل حتى الخدمات من كهرباء وماء ورسوم هي ماضية للارتفاع وليس للانخفاض.

يحدثني بعض ملاك الشقق والعقارات عن كيف أن تعرفة الكهرباء وزيادتها باتت سبباً اليوم في عزوف كثير من الناس عن التأجير، سواء مواطنين أو مقيمين، والنوع الأخير بالأخص، وعليه نظرة سريعة لسوق العقار، بالأخص تأجير الشقق سيكشف لأي متابع حجم الضرر.

في جانب آخر بعض أولياء الأمور يتحدثون عن زيادات مستمرة لرسوم المدارس الخاصة، وكيف أننا وصلنا اليوم إلى حاجز يفوق الـ10 آلاف دينار سنوياً لطالب في مدرسة خاصة، وسقف يبدأ من قرابة الألفي دينار للطلبة في مستوى الحضانة أو الصف الأول، وكيف أن بعض أولياء الأمور لديهم أكثر من ابن، بالتالي مجموع ما يدفعه سنوياً تكاد تصل مبالغه إلى 20 ألف دينار!

في موضوع المدارس قد يقول البعض إن الخيارات موجودة في المدارس الحكومية، نعم هذا صحيح، لكن الحق يقال، بأنه في المقابل ما يحصل في بعض المدارس الخاصة أمر يبشر بسيناريو مستقبلي غير إيجابي، خاصة من إمكانية طلب زيادات في الرسم لأي مدرسة تحقق مستوى "الممتاز"، بما معناه أننا اليوم بمثل هذه الزيادات وكأننا نهدف إلى إلغاء وجود العائلات من الطبقة الوسطى في المدارس الخاصة، وقصرها على الميسورين!

هذا الموضوع يحتاج إلى ضبط ومعالجة، وهو يحتاج إلى حديث مستفيض يطول بشأن الكيفية التي تقر فيها هذه الزيادات، والأطراف المعنية بها، لكن الطرف المتضرر هو المواطن نفسه.

لسنا ممن يتكلم بهدف إشاعة الإحباط والسلبية في أجواء المجتمع، كلا وأبداً، بل نحن ممن يعض على هذا الوطن بالنواجذ، ويدعو الناس بأن يزيد حبهم وانتمائهم للبحرين وقيادتها، ولكننا من منطلق حبنا لبلادنا وأناسها، لا بد أن ننقل الواقع بشكله الصريح، وإن كان فيه نوع من المرارة، فالمواطن اليوم يعاني في جوانب متعددة، ولا بد من العمل على إسناده ودعمه وتحقيق الرضا لديه.

في كل بقعة في العالم لا بد أن توجد مشاكل ومؤرقات، لكن الفيصل فيها هو الفعل المقابل، هل نجتهد ونسعى بقوة لحلها حتى تنتهي، أم نعتبرها أمرا مسلما به، وبالتالي يزيد الألم ؟!

نتمنى الخبر للبحرين وأهلها، فهي كانت ومازالت وستظل بإذن الله واحة للخير والعطاء.