* الوالد «بوخالد» يوسف سيار رحمه الله من جيل الطيبين، انتقل إلى الرفيق الأعلى منذ أيام، هو مضرب للأمثال في التواصل والحفاظ على حضور المواعظ والدروس في المساجد، حيث يحرص أشد الحرص -في أيام صحته- على التنقل بين المساجد للصلاة فيها وحضور المواعظ والدروس التي يلقيها أئمة المساجد وبعض المشايخ. وهذا ما لمسته من خلال زياراته المتكررة للصلاة في جامع الإيمان بحالة بوماهر، حيث يحرص على الصلاة في المسجد أسبوعياً وحضور بعض المواعظ. تذكرت حينها تلك الأيام الجميلة التي كنا نحرص التنقل من خلالها بين المساجد لنلتقي بالأصحاب وبالكبار الذين نأنس بالحديث معهم وببركة دعواتهم. رحم الله الحاج يوسف سيار بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

* تنسى نفسك في بعض الأحيان عندما تظل تتأفف من كل أحوال الحياة وتتضجر من كل تلك الصغائر التي لا ترتاح منها، وتتغير نفسيتك وينقلب حالك رأساً على عقب، وتنقلب مشاعرك إلى ذلك المهموم والمغموم الذي أثقل كاهله بمصائب الدهر، وكأنه قد خسر كل عافيته وجمال حياته!! فجأة تستفيق فإذا هي نزغات شيطانية مريبة تتسلل إلى نفسك حتى تذهب عنك أجمل ما في الحياة وأجمل ما في الطاعة مع المولى الكريم.. لذا فإنه من الواجب أن تكون كمثل تلك الزهرة الفواحة التي تظل تسقيها بمشاعرك وأحاسيسك كل لحظة، ويشم رائحتها الزكية كل من تقابله في أيام الحياة، ولا تلتفت لأي عوارض في حياتك، بل تمضي في ركب الحياة متيقناً أن «الخيرة» فيما يختاره الله تعالى لك من أمور، فكل الأمور ستنصلح وكل مفقود سيعوضك الله عنه خيراً، وكل فجوة في مسيرك ستجد من يسدها لك، وكل عسر سيعقبه يسر بإذن المولى الكريم. لذا من الأولى أن تظل ابتسامتنا لا تفارق محيانا، ونعالج الأمور بحكمة وروية، ونتغافل عن الصغائر، ونتمهل في الحكم على الأشياء، وننظر إلى الأمور بمنظار الإيجابية والسعادة والفرح.. فيكفي أن يظل من يحبك بقربك تتقاسم معه لقمة العيش الهانئة، بفرح وسعادة وابتسامة وسرور.. ويكفي أن يسبغ عليك المولى الكريم لباس الصحة والعافية، ويكفي أن تكون قادراً على طاعة الله وعبادته وذكره، فهناك من حرم منها وحرم من أبسط مقومات الفرح. اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. نعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقباه ومن شر عباده ومن همزات الشيطان ونعوذ بك أن يحضرون.

* مسكين ذلك العامل المجد الذي كان يقدر ويحترم في مجال عمله، وكانت له صولات وجولات في العطاء والأثر وإتقان العمل، فما إن قرر أن يرتاح من العمل وينتقل إلى حياة جديدة من العطاء بعد التقاعد، أو أن الظروف ألزمته أن يكون في موضع آخر من مواضع الحياة، إلا وترى الجميع قد تخلى عنه، وقرر أرباب العمل أن ينصرف عنهم سريعاً عن ميدان عملهم دون أن يكتبوا له رسالة حب واحدة يعبروا فيها عن امتنانهم وتقديرهم لعطائه الزاخر ونشاطه المميز الذي قام به طيلة تلك السنين. يبقى العطاء مربوطاً بأجور الآخرة، لأنك في الدنيا مهما أعطيت فسوف تنسى سريعاً عندما تغادر حياتهم، أو تغادر أعمالهم.

* انقضى رمضان ولم تنقضِ طاعة الرحمن، فذكر نفسك دائماً أن تكون في صلة قوية مع الملك الديان، فلا تفتر عن المحافظة على صلواتك، وعن قراءة القرآن والذكر والاستغفار والصيام والصدقة والتواصل، فإنها أمور معينة على ثباتك في مسير الخير، وهي أمور تعينك أن تكون بنفسية صادقة وقلب ساكن مطمئن يحب الخير ويرنو لجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. رحل رمضان ولم ترحل فترات حلوة قضيتها مع من تحب، فلا تترك الوصال ولقاءات الأهل والأحباب فإنها أجمل ما في حياتك في مجالات الأثر.

* أجمل ما في نهاية العام الدراسي وبدء الإجازة الصيفية، احتفالات التخرج المليئة بمشاعر الحب والفرح والسعادة لأبناء أمضوا 12 عاماً في مراحل المدرسة المختلفة، لينتقلوا فيما بعد إلى مرحلة أخرى من مراحل العلم والتحصيل. مشاعر مختلطة للآباء والأمهات في مثل هذه اللحظات، وهم يحتضنون فلذات أكبادهم ويباركون لهم، ويسألون المولى الكريم أن يبلغهم فيهم كل خير. فهو فصل جميل من فصول الحياة يتكرر في كل أسرة تؤدي رسالتها الجميلة في الحياة، لتبدأ بعدها قصة أخرى جديدة بعد زواج الأبناء. دعوة للفرح والاستمتاع بكل لحظة مع الأبناء في ذلك العش الأسري الهانئ، وبخاصة في مثل هذه المناسبات السعيدة التي نحتضن فيها الفرح. نبارك لجميع الخريجين والمتفوقين، ونسأل الله تعالى أن يوفقهم إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يكونوا لبنات خير وازدهار للبحرين الغالية.

* حتى تريح نفسك من عناء بعض النفسيات المزعجة وبعض الأمزجة التي تعكر عليك صفو الحياة، ما عليك إلا أن تريح بالك وترفع رأسك عالياً وتواصل مسير الأثر والنجاح وتحقيق الطموحات، فمثل تلك الشخصيات التي يهمها في المقام الأول أن ينسب الفضل إليها في جميع النجاحات والقرارات، أو أن تكون حاضرة في جميع فصول الحكاية، إنما هي شخصيات لا تضر إلا نفسها، لأنها تتعامل مع الأمور معاملة الضد والصاع بصاعين، وهي بذلك قد حادت عن دورها البارز في تجميع النفوس على الخير وفي إعانتها على النجاح بأي طريقة كانت، فلا يهمها أن ينسب لها الفضل، بل يهمها أن يقول الجميع: كل ذلك تم بفضل الله تعالى أولاً ثم بفضل تعاون الجميع وتفهمهم للوضع. ننصحك أن تريح نفسك من هؤلاء وتعاملهم بابتسامة مشرقة وقلب نقي ثم قل لهم سلاماً.

* ومضة أمل:

اللهم ارزقنا ومن نحب فرحة وطاعة وصحة وعافية وبركة في العمر.