هل أصبح الشعب البحريني متذمراً؟؟ هل أصبحنا نتذمر و»نتحلطم» على كل شيء من حولنا؟ هل أصبح التذمر و»التحلطم» كما نسميه بلهجتنا الدارجة عادة؟؟ أم هو شيء مرحلي ومرتبط بظروف معينة؟؟

أكره التعميم ولا أظنني أبالغ مطلقاً لو قلت بأنني ما إن ألتقي بأحد إلا فتح أسطوانة التذمر على كل شيء!!

حر، رطوبة، غلاء معيشة، ظلم وظيفي، ضعف رواتب، النظام التعليمي، النظام الصحي، السياسة العامة، مستوى الخدمات، أماكن الترفيه، الإسكان، التوظيف، التربية.. وقس على ذلك دون توقف.

معظم الناس يتذمرون بصوت مسموع، وأكبر شاهد على هذا الشيء تعليقاتهم على أي شيء يثار في وسائل التواصل الاجتماعي..

ما جعلني أكتب هذا المقال، الموقف الذي تعرضت له مؤخراً، حيث إنني كنت في أحد المحلات التجارية أنتظر دوري لأدفع فاتورة مشترياتي، وإذا بالبائع يحدث زميله الآخر بصوته يغلفه التذمر «ألم يقل المسؤول بأنه سيغير المكان المخصص للأكل» فرد عليه زميله بنفس النبرة «أصدقته، إنه كاذب ومخادع، هذه الشركة كل شغلها «لوص» بمعنى أن عمل هذه الشركة غير احترافي.. لم أتدخل ولكني انزعجت لحديثهم بهذه النبرة التي يعلوها التذمر.. وإذ بالمسؤول يمر من أمامهم، فتوقعت بأنهم سيطرحون عليه سبب عدم تغيير المكان المخصص للأكل، والوفاء بوعده!! ولكن شيئاً لم يحصل، بل ابتسموا في وجهه وأكدوا له أن كل شيء يمر على أحسن ما يرام!! فلم أستطع تمالك نفسي وسألت الموظف بعد أن انصرف المسؤول «لماذا لم تخبر المسؤول بما يجول في خاطرك؟»، فأجاب «لن يغير كلامي أي شيء»!!

ليس هذا الموقف وحسب بل إنني أشاهد يومياً عشرات المواقف المشابهة.

قد يفهم البعض من كلامي أنني ضد التذمر!! وقد يفهم البعض أنني راضية تمام الرضا عما ذكرته سابقاً. وليس هذا بمقصدي البتة.

فأنا لا أرى فائدة في التذمر، ومع أخذ ردة فعل مناسبة تكون ذات جدوى. فالجعجعة لا تنتج طحيناً. بل تؤسس لمجتمع «متذمر» قليل الأمل.

يحدثني كثيرون عن العديد من الأمور وعدم رضاهم عنها فيكون ردي عادة «كيف نستطيع أن نصلح هذا الوضع». حتى أبنائي الصغار يعرفون أن هذه هي ردة فعلي إزاء شكواهم، حيث إنني أختصرها بكلمة «ابحث لي عن حل» ولا تتحدث في المشكلة وحسب.

قد يقول لي أحدهم إنني وإن كنت أملك الحل ليس بوسعي إيصاله لمن يهمه الأمر!! وإن حصل ووصل الموضوع فلن يؤخذ به، وسأقول «حسبك أنك سعيت»، ولم تكتف بالتذمر، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

القنوات مفتوحة لتوصيل أفكارك وحلولك، فبدءاً من وسائل التواصل الاجتماعي، مروراً بالمواقع الرسمية للمؤسسات، وقوفاً عند عدد من البرامج المميزة كموقع مكتب النائب الأول، وموقــع «تواصل» شاركهم برأيك ليس على سواء على هيئـــة «شكوى» أو على هيئة مقترح تطويري، وستجد التجاوب بإذن الله.

ولنفترض أسوأ الأمور وهو أنه لم يتم التفاعل مع مقترحك التطويري، واصل، ولا تتوقف، فالوطن يحتاج كل مقترح تطويري، ويحتاج كل فكرة ابتكارية من شأنها تحسين خدماته. ويكفيك فخراً بأنك كسبت شرف المحاولة.

في المسابقة التي تم طرحها من قبل مكتب النائب الأول «فكرة» تقدمت بـ6 مقترحات، لم تحظ أي واحدة بالفوز أو التأهل، ولكني سعدت بالمشاركة، وسأشارك مرة أخرى ولن أكتفي. فهذا واجب لتطوير وطني الذي أنعم في العيش فيه.

من منا لا يتمنى نظاماً تعليمياً وصحياً أفضل، من لا يتمنى خدمات أرقى وأسرع، من لا يحلم بخدمات إسكانية أكبر حجماً، والقضاء على البطالة والزحمة، من منا لا يسعى إلى نظام إداري شفاف وعادل وغيرها من الأمور.. فكيف نحقق كل هذه الأمور ونحن لا نفعل شيئاً سواء التذمر معتقدين بأن هذا هو المتنفس الوحيد.

* رأيي المتواضع:

التذمر لا يفيد مطلقاً، بل هو مضر بتركيبة الدماغ بشكل سلبي، وتؤكد الدراسات أن الاستماع لشخص يتذمر يلحق نفس الضرر السلبي بدماغك أيضاً.

فلماذا لا نحول تذمرنا إلى أفكار قد نغير بها واقعنا إلى الأفضل.

إن التذمر يولد الإحباط، والإحباط يقتل العزيمة ويجعلنا نتخلف عن ركب التقدم، فإذا كنت تريد وطناً متقدماً ومنظومة متكاملة متطورة يجب أن تكون فراداً صالحاً في فريق التطوير، فالبلدان لا تنمو إلا بسواعد مواطنيها.