ما جاء في تقرير ديوان الرقابة من تجاوزات مالية وإدارية فضيحة للفساد الذي يعشعش في أدراج بعض المكاتب، ما يؤكد أن ظاهر بعض هذه المكاتب الولاء والانتماء للوطن وفي باطنها الفساد، فقد كشف لنا هذا التقرير شعارات رخيصة في حب الوطن، شعارات بينت للأسف بأنها رنانة لكنها تُلبس كقناع واقٍ يستتر خلفه بعض المسؤولين المعروفين بخبثهم ونفاقهم ومصلحتهم الشخصية. للأسف هذا التقرير لا يختلف عن التقارير السابقة ولكننا كنا على أمل بأن يستقيم البعض ليس حباً فينا ولكن حباً في الوطن.

هذا الفساد المالي والإداري في مجمله خيانة، وأي خيانة في المال العام تعد خيانة للوطن -ولدي قناعة تامة- بأن الذي يخون بلده يبيع كل شيء أمامه حتى أولاده، فالوطن هو كيان المرء، أرضه وعرضه وماله، الوطن أمانة ومن يخون الأمانة يهدم وطناً ويشتت أمة، ويهلك مكتسبات وخيرات بلده.

تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية يطل علينا كل عام يعكر مزاجنا ويرفع من ضغطنا و»يقهرنا « ثم يمر بسلام وكأنه لم يكن، وكأنه تقرير تنافسية في الفساد المالي والإداري، لا محاسبة ولا عقاب ولكن «سلاماً سلاماً» لكل خائن ومفسد!

مملكة البحرين دولة مؤسسات وقانون، و»عشمنا» في محاسبة المفسد والعاق بوطنه، ومن حق المواطن أن يضع النقاط على الحروف في معرفة مصير الخائنين والمفسدين. من حق المواطن أن تتبلور قناعته وتصبح واضحة بأنه من ينهب ويعبث بالمال العام يعاقب حتى يكون عبرة لمن تسول إليه نفسه هدر مكتسبات الوطن، ومحاسبته هي بمثابة قطع يد السارق. المسؤول الفاسد لا يختلف عن اللص السارق، فهذا حرامي وذلك حرامي بس على «أرقى»، فالمسؤول «يبوق» عيني عينك من المال العام في وضح النهار، أما اللص فهو يتسلل للسرقة ويتوارى عن الأنظار، فمن يظن أنه فوق القانون فهو مخطئ، ومن يظن بأن نفوذه ومعارفه سوف تضعه في دائرة الأمان فهو مخطئ أيضاً. لا شيء يدوم والحرام لا يدوم مهما كثرت أنصاره.

آمالنا اليوم في أعضاء مجلس النواب لمحاسبة الفساد المالي والإداري، آمالنا بهم كبيرة، وإن شاء الله «ما يخيبون» رجاءنا، سنوات طوال ولاتزال الفئران تعبث وتفسد وتأكل الحرام، لا حاجة لمصيدة فهم معرفون، ولكن نحتاج من يصدهم بحزم ويسحقهم كما سحقوا مكتسباتنا وأكلوا بالحرام مالنا. نأمل أن يحاسب كل من خان وطنه واستغل المنصب وخان الأمانة.