أمام التطورات السريعة الإيقاع الحاصلة من حولنا في العالم اليوم، وأمام تسابق الفكر الإرهابي والإجرامي ومحاولته التقدم على الفكر التكنولوجي في التطور والابتكار، لم يعد أمامنا من خيارات سوى النهوض بالصناعات العسكرية والدفاعية وتطوير أنظمتنا باستمرار ومواكبة التغييرات الحاصلة والتي تمثل لنا السور الحصين أمام تكاثر الخلايا الإرهابية بالمنطقة العربية.

معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع 2019 هو حدث فريد قطعاً ويؤكد سلسلة نجاحاتنا المتواصلة في احتضان وتنظيم الفعاليات الهامة والرائدة على أعلى المستويات، فهذا المعرض الذي يوفر احدث الصناعات والمنتجات والخدمات العسكرية وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الرقمية والعسكرية تقام عليه كبار التحالفات والصفقات العسكرية بين الدول والشركات الدفاعية والعسكرية، وهو يعزز جهود مملكة البحرين في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الملاحة الجوية والبحرية، ويمكن الدول من تطوير تسلحها الدفاعي والعسكري ومطالعة أحدث التقنيات والجديد في مجال الصناعات العسكرية والعلوم الدفاعية.

لا يمكن لأي دولة في العالم اليوم أن تظل عالقة وواقفة على الصناعات والمنتجات العسكرية التي تعتمدها قبل عدة أعوام لحماية أمنها واستقرارها، فالفكر الإرهابي والإجرامي في تجدد دائم وملاحقة لأحدث الاختراعات ومحاولات للابتكار ورسم استراتيجيات مدمرة تستغل أحدث ما توصلت إليه علوم التكنولوجيا لتسخيرها نحو الإرهاب، لذا بالمقابل لابد أيضاً من تسخير التكنولوجيا في أنظمتنا الدفاعية والعسكرية، فقوة الجيوش حول العالم اليوم تقاس بمدى تطورها وإلمامها الشامل من ناحية الاستخدام التكنولوجي والتقني في مجالاتها الدفاعية والعسكرية، وقبلها لابد من الإلمام بما تقدمه الاختراعات والابتكارات التكنولوجية والعلوم العسكرية وتوفره لأجل فهم الفكر الإرهابي ومخططاته، فلو قارنا سيناريو هجمات 11 سبتمبر أمريكا على سبيل المثال والهجمات الإيرانية على حقول النفط في بقيق أرامكو السعودية 2019، لوجدنا الفرق الكبير والهائل في استخدام التقنيات العسكرية لتنفيذ العمليات الإرهابية والإجرامية واختلاف سيناريو الاستهداف العسكري والتقنيات المستخدمة لإحداث هذا الضرر الذي جاء لأجل ضرب الاقتصاد العالمي ككل.

المؤتمر الصحفي لمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع، والذي عقد برئاسة رئيس مؤتمر التكنولوجيا العسكرية في الشرق الأوسط والمتحدث الرسمي لمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع الشيخ الدكتور عبدالله بن أحمد آل خليفة، قدم فكرة مستنيرة عن أن المعرض يأتي في صدارة معارض الشرق الأوسط ويعكس جهود مملكة البحرين في تعزيز الصناعات العسكرية والدفاعية، حيث شدد على أن القائمين على المعرض لا ينظرون له على أنه فعالية دولية مرموقة فحسب، بل هو كيان وطني ودولي يدعم توجهات الإصلاح المتجددة في البحرين، ويسهم في رفع اقتصادنا ومسيرتنا التنموية، وكذلك بحث واستشراف أمن المنطقة لتكون رؤيتنا واضحة ومؤثرة في الترتيبات الإقليمية وحفظ مصالحنا الوطنية والخليجية، كما نعول على الاستثمارات المتزايدة في البحرين ومقوماتها التنافسية كي تكون مرصداً لكبار الشركات الصناعية الدفاعية والتقنيات الحديثة بما يلبي أي احتياجات لقوة دفاع البحرين وقوة دفاع المنطقة، فضلاً عن ترسيخ مكانة البحرين كمركز لريادة الأعمال.

فقطعاً أمام الاضطرابات المستمرة التي تشهدها المنطقة العربية والاستهداف المستمر لأمن واستقرار أنظمة الدول العربية وتكاثر العمليات الإرهابية من قبل العصابات والخلايا الإرهابية والمخططات التآمرية، فإن هذا المعرض الدولي الذي يسلط الضوء على أحدث ما توصلت إليه العلوم العسكرية والتكنولوجية يعتبر المعرض الأهم وعلى رأس هرم أولوياتنا الخليجية والعربية اليوم واحتياجاتنا من المعارض الدولية التي تقام على مستوى المنطقة، لذا لم يكن مستغرباً أبداً أن يفوز معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع 2017 بجائزة أفضل معرض تجاري يقام على مساحة تزيد على 10 آلاف متر مربع في حفل توزيع جوائز الشرق الأوسط للأحداث والفعاليات الخاصة، حيث هذه الجائزة أكبر تقدير من قبل هذه الصناعة في المنطقة والجائزة الرسمية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تقرها الجمعية الدولية للفعاليات الحية «ILEA» الشرق الأوسط، وهذه الجائزة لا تمنح إلا لمنظمي المعارض الذين يتجاوزون التوقعات من حيث عدد الزوار والمبيعات والحملات الترويجية والنتائج المحققة، مقارنة بالميزانية والابتكار وتقنيات التسويق.

كما أكد المتحدث الرسمي لمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع على نقطة في غاية الأهمية، عندما ذكر أن مؤتمر التكنولوجيا العسكرية في الشرق الأوسط يأتي في سبيل مواكبة التحديات غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة وبالأخص التطرف والإرهاب، ويهدف لإيجاد حلول لضمان سلامة الأمن الإقليمي خصوصاً الأمن البحري والأمن الجوي، كما يهدف إلى أن تكون البحرين مركزاً للتقنية الرقمية حسب التوجيهات الملكية وتوافقاً مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030، والإسهام في بناء شراكات لتوطين الصناعات والتقنيات الدفاعية والعسكرية، فضلاً عن الوقوف على آخر المستجدات الاستراتيجية للاستثمار في المعرفة وتمكين التكنولوجيا الدفاعية والعسكرية، فهو بمثابة تظاهرة دولية تقام على أرض مملكة البحرين.

التعليق اللافت الذي قدمه المتحدث الرسمي عندما سأله أحد الزملاء الصحفيين عن إن كان المؤتمر والمعرض يأتي في ظل التهديدات الإيرانية للمنطقة، فإيران دأبت دائماً على مهاجمة البحرين عند تنظيمها لأي مؤتمرات دولية هامة تناقش الأمن الإقليمي والدولي، حيث علق: «هذه المؤتمرات لا تستهدف مواضيع معينة، ونحن في البحرين لا نستهدف دولة معينة أو نتدخل في شؤون الغير، فهذا ليس من شيمنا في البحرين، وهذا المؤتمر ليس موجهاً ضد أي دولة، بل فقط يسلط الضوء على التكنولوجيا العسكرية بمفهومها الشامل وما هي استراتيجيات الدفاع السيبراني وتوطين الدفاع العسكري، أما مهاجمة البحرين على أي مؤتمر أو فعالية تقام على أرضها فلا ترمى إلا الشجرة المثمرة، ومؤتمراتنا في البحرين يتم تنظيمها وفق أعلى المعايير ووفق خطط مدروسة ومواضيع مختاره بدقة، والمخرجات التي يخرج بها أي مؤتمر في البحرين تأتي في صدد المساهمة في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة بمفهومه الشامل».

وأكد المتحدث المميز في هذا المعرض التسهيلات التي تقدمها مملكة البحرين للشركات الدفاعية والعسكرية في إدخال معداتهم وتوفير الترتيب اللوجستي والترتيب والتنسيق وتحديداً شؤون الجمارك بوزارة الداخلية، فهو من العوامل التي تؤهل معرض هذه السنة، وأمام تراكم خبرات الفريق التنظيمي للمعرض، ليكون أفضل من النسخة السابقة.

حتماً هذه التظاهرة الدولية التي تخرج اليوم باسم مملكة البحرين على المستوى الإقليمي والدولي محل فخر واعتزاز لنا كبحرينيين، وتعكس أننا مركز رئيس وجوهري هام لتعزيز الأمن الإقليمي والدولي في مجالاته الثلاثة «البري والبحري والجوي».