* 600 مشارك من مختلف أنحاء العالم و40 متحدثاً في الجلسات العشر

* أهمية كبيرة لقيام دول الخليج بالاستثمار في العلم والتكنولوجيا

* توصيات الملتقى.. إضاءات لفهم تحولات النظامين الدولي والإقليمي



* في اليوم الثاني للجلسات.. الملتقى يناقش توزع القوة بالشرق الأوسط

* "ملتقى أبوظبي" يتناول تحديات في منطقة الخليج

* تقييم 3 قوى إقليمية في العصر الجديد للمنطقة

* الملتقى يناقش "صفقة القرن" وإعادة كتابة قواعد اللعبة الإقليمية

* 3 قوى عربية مرشحة للعب أدوار حاسمة في ترتيبات المنطقة

دعا البيان الختامي لـ"ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس"، الذي عقد على مدار يومين بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، لإعادة النظر في معادلة التسلح والأمن والتحدي الذي يواجه المجتمع لتطوير آليات ضبط التسلح.

وأوضح البيان الصادر، الإثنين، أنه يجب توجيه الموارد للتنمية بدل الأسلحة، وتقليل الشك وعدم اليقين في النظام الدولي، مشيراً إلى أن تركيا تحولت تدريجياً لخصم يفكر الغرب في إنهاء عضويته بحلف "الناتو".

وخلال الجلسة الأولى للملتقى، الأحد، حذر خبراء من تصاعد سباق التسلح العالمي، ومعدلات الإنفاق العسكرية، ما يهدد الأمن والسلم الدوليين، مقدمة رؤى حول توزيع القدرات العسكرية في العالم وعسكرة حرب التكنولوجيا.

وحول المشكلة الفلسطينية، شدد البيان على ضرورة رضاء الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عن أي مشروع لتسوية الصراع، مشيراً إلى أن المشكلة في "صفقة القرن" تكمن في شقها السياسي الغامض.

وأشار البيان الختامي للملتقى إلى الخطر الحقيقي الذي يواجه النظام الاقتصادي العالمي، هو تضخم الاقتصاد المالي على حساب الحقيقي، كما أن نظام الطاقة العالمي ما زال يواجه تحديات تتصل بعدم اليقين، بسبب الأوضاع الجيوسياسية والمتطلبات البيئية.

ولفت البيان إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تقع في قلب نظام النفط العالمي، وتزايد الاعتماد بين الشرق الأوسط وشرق آسيا في مجال تجارة النفط والغاز، والعوامل الجيوسياسية سيبقى لها تأثير في مستقبل مشهد الطاقة العالمي.

وعن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الشرق الأوسط، لفت البيان إلى أن معضلة عدم الاستقرار بالمنطقة ستبقى مستمرة في ظل عدم تعافي العراق.

البيان الختامي أوضح أن القرن الحادي والعشرين سيشهد تحول العالم المادي إلى عالم رقمي، والتحدي أمام المجتمع الدولي سيكون كيفية تعزيز الحوكمة في مجال السيبرانية.

وقال البيان إن الأمر الحاسم في بناء العرب للقوة يتمثل في القدرة على تحويل القوة الكامنة إلى فعلية، بجانب ضرورة وجود مشروع حضاري حقيقي يعطي للفرد العربي قوة الفعل في المشاركة بالبناء، وهناك أهمية كبيرة لقيام دول الخليج بالاستثمار في العلم والمعرفة والتكنولوجيا.

وسلط ملتقى "أبوظبي الاستراتيجي السادس" الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبرعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الضوء على خارطة القوة بالعالم، ويمهد لرسم رؤى المستقبل.

وسعت الدورة السادسة لـ"ملتقى أبوظبي الاستراتيجي" إلى تكريس استمرارية هدفه من أجل بلورة فهم واقع النظامين الإقليمي والدولي وتحولات القوة فيهما من خلال جلسات ونقاشات تجمع على غرار النسخ السابقة نخبة واسعة ومتنوعة من السياسيين وصناع السياسات والأكاديميين والخبراء البارزين.

واختتم ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس جلساته التي عقدت على مدار يومين في العاصمة الإماراتية بحضور 600 مشارك من مختلف أنحاء العالم من بينهم نخبة من صناع القرار وخبراء تحليل السياسات الدوليين.

وفي ختام المؤتمر قدمت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، د. ابتسام الكتبي، المركز الذي ينظم الملتقى، الخلاصات والاستنتاجات التي توصل إليها أكثر من 40 متحدثا رئيسيا شاركوا في جلسات الملتقى العشر.

وقالت د. الكتبي إن الملتقى قدَّم إضاءات لفهم تحولات النظامين الدولي والإقليمي، وأثار العديد من التساؤلات والأفكار التي تحتاج إلى المزيد من البحث والتمحيص، والتي نأمل بأن نقاربها في الملتقى المقبل.

وناقش الملتقى في جلساته "تنافس القوى القديم في عصر جديد"، مخصصاً جلسات اليوم الأول لرسم خريطة التوزُّع العالمي للقدرات العسكرية والمالية والاقتصادية وقدرات الذكاء الاصطناعي والفضاء السيبراني، التي يتم توظيفها ضمن التنافس الجديد بين القوى الكبرى في العالم، بينما تبحث جلسات اليوم الثاني في هيكل النظام الإقليمي الحالي في الشرق الأوسط، وأدوار القوى الإقليمية غير العربية، وصعود دور دول الخليج.

كما شهد الملتقى في يومه الأول الإعلان عن إطلاق أكاديمية مركز الإمارات لتحليل السياسات التي تعد الأكاديمية التدريبية الأولى من نوعها في المنطقة في مجال تحليل السياسات.

توزع القوة بالشرق الأوسط

وافتتح ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس جلساته لليوم الثاني على التوالي، بمناقشة توزُّع القوة في الشرق الأوسط بأنواعها الثلاثة: القوة الخشنة والناعمة وقوة الذكاء الاصطناعي.

وقال رئيس الوزراء الليبي السابق، د. محمود جبريل، إن "الدولة العربية الناشئة لا تزال تواجه ومنذ الاستقلال اختلالات عميقة تسببت في الأزمات التي تعيشها حالياً، وعلى رأسها عدم وجود اقتصاد يولد الفرص التي تستوعب حاجات المجتمع وحراكه، كما أن إحدى أهم مشاكل العالم العربي أن الخبرات في اتجاه وسدة الحكم في اتجاه آخر، ولا بد من تنمية مبنية على رؤية حقيقية".

من جهته قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، د. زيد عيادات، إن "هناك ثلاثة أنواع من القوة هي القوة الكامنة والقوة التحويلية والقوة الفعلية، والأمر الحاسم في بناء القوة هو القدرة على تحويل القوة الكامنة إلى قوة فعلية وهو أمر يرتبط بالقيادة والرؤية".

وأضاف د. عيادات أن "هناك خللاً في توزيع القوة في منطقة الشرق الأوسط، لكنه وضع متحرك يعطي للقوى الطامحة المجال لإعادة بناء قوتها، والسعي لإعادة صياغة قواعد اللعبة".

تحديات تواجه الخليج

وفي جلسته السابعة ناقش المتحدثون في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي القدرات التي تملكها منطقة الخليج إقليمياً والاحتمالات المتوقعة لمستقبل المنطقة.

وقالت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، د. ابتسام الكتبي، إنه "ليس هناك إرادة دولية لتضييق الخلافات بين دول منطقة الخليج بل هناك استثمار من الدول الكبرى في الأزمات داخل منطقة الخليج، وإنه لابد من الخروج من المعادلة الصفرية بين دول الخليج وبين إيران فلا يمكن لأي طرف أن ينفي وجود الطرف الآخر من التاريخ والجغرافيا". وأشارت د. الكتبي إلى أن "امتلاك القوة الخشنة وحدها ينتج الحروب والقوة الناعمة لا تحمي في ظل منطقة زاخرة بالأزمات"، وأضافت أن "قوة إيران الناعمة هشة ورغم أنها تمتلك قوة سبرانية متميزة لكنها تفتقر لنموذج تنموي جذاب".

من جهته قال رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، إن "هناك ثلاثة سيناريوهات أمام دول الخليج، السيناريو الأول: أن تكون مجلس التعاون متماسكة وتسهم في دور قيادي في المنطقة، وأن تكون دول مجلس التعاون مركزاً إقليمياً لإدارة التجارة والابتكار وتستثمر في التعليم والحدمات، بحيث ستكون دول مجلس التعاون سادس أكبر قوة اقتصادية في العالم مع 2030، أما السيناريو الثاني فيتمثل باستمرار الأزمات في الإقليم وبقاء التوتر الأمني مع إيران في الخليج، ومع حلول 2025 تصبح إيران نووية ما يعني مزيداً من التهديدات لدول الخليج العربية، بينما يتضمن السيناريو الثالث، بقاء الأمور على ما هي عليه، استمرار التوتر وبقاء الاضطرابات دون مزيد من التصعيد النوعي والدراماتيكي، ولكن مع استمرار تخطيط دول الخليج لامتلاك القوة الناعمة والخشنة".

أما وزير الإعلام الكويتي السابق، د. سعد العجمي، فقال إن "هناك ثلاث دول مؤثرة في الحدث الخليجي أو يتأثر بها الخليج: إيران التي تشكل خطراً مباشرا، وتركيا حيث تمثل قيادة الرئيس التركي أردوغان تحديا يواجه منطقة الخليج، إضافة إلى إسرائيل حيث لا يزال الصراع معها مستمرا". وأضاف د. العجمي أن "تخلي ترامب عن منطقة الخليج والمنطقة العربية، بعدم الرد، كرس قناعة بأنه ليس هناك تعويلاً على أمريكا كحليف أمني موثوق".

بينما رأى أستاذ العلوم السياسية د. عبدالخالق عبدالله، أن "منطقة الخليج اليوم تعيش لحظتها بلا منازع، وأن الخليج اليوم هو مركز الثقل العربي الجديد بكافة أنواع القوة، وأصبح مصدرا للنفوذ بعد أن كان على هامش النفوذ، لكنه رأى أيضاً أن طموح الخليج ومسؤولياته أكبر من قدراته".

وقال رئيس تحرير صحيفة "عكاظ"، جميل الذيابي، إن "المواطن الخليجي محصن بولائه للدولة الوطنية، ولا يزال مقتنعاً بأن إيران تشكل خطراً على الخليج، وإن دول الخليج حاولت الحوار مع إيران لكن طهران تعرقل الحوار دائماً".

تقييم 3 قوى إقليمية

وناقش خبراء تحليل سياسات وأكاديميون في الجلسة التاسعة من جلسات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس تقييم 3 قوى إقليمية هي إيران وتركيا وإسرائيل والتوقعات المرتبطة بدورها المستقبلي في المنطقة ضمن معطيات العصر الجديد.

وقال د. فيليب جوردن، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إن "الغرب راهن على النموذج التركي في المصالحة بين الإسلام والمعاصرة، ونموذج الشراكة الناجحة بين تركيا والغرب من خلال حلف "الناتو"، والتعاون الاقتصادي، باعتباره يؤسس لعلاقة جديدة بين الشرق والغرب، لكن تركيا عمليا تحولت تدريجياً من حليف مقرب للولايات المتحدة إلى خصم يفكر الغرب في إنهاء عضويته في حلف الناتو.

من ناحيته قال د. علي مسعود أنصاري، أستاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت أندروز إنه "لم تثبت -لغاية الآن- صحة الادعاء القائل بأن الضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني من شأنها الحد من أنشطة إيران الإقليمية. وعلى الرغم من ذلك، يشعر الإيرانيون بأنهم استنزفوا الكثير من الوقت والجهد في محاولات التمدد الإقليمي، لكن ذلك لم يؤثر -حتى الآن- بشكل عميق على الرأي العام الداخلي في إيران، لأن معظم تكلفة التمدد الإيراني تحملها وكلاء إيران الإقليميون، وبينما يروج الحرس الثوري إلى وجود انتصار في سوريا، والإقليم بشكل عام، لكن الشعب الإيراني يبدو غير مكترث لهذه النجاحات لأن اهتماماته مغايرة تماما".

بينما رأى د. ديفيد بولوك، من معهد واشنطن انه من غير المرجح أن نشهد تغييرات جوهرية في السياسة الإسرائيلية فيما يتعلق بالمنطقة والعالم بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فليس من المرجح أن تقدم إسرائيل على خوض حرب ضد "حزب الله" أو "حماس". وستبقى إيران في مرتبة التهديد الوشيك والخطير من وجهة النظر الإسرائيلية، ولذلك لن تتردد إسرائيل في مواصلة استهداف القوات الإيرانية وحلفائها في العراق وسوريا ولبنان. ومع ذلك لا يرجح أن يؤدي ذلك إلى تصعيد كبير على حدود إسرائيل الشمالية، فالجميع سيعملون وفق قواعد لعبة محددة.

إعادة كتابة قواعد اللعبة الإقليمية

تناول سياسيون وخبراء في تحليل السياسات، خلال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس، خطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط والتي تعرف إعلامياً باسم "صفقة القرن".

وقال مدير مشروع العلاقات العربية - الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ديفيد ماكوفسكي، في الجلسة الثامنة، إن أي مشروع تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ينبغي أن يرضي الطرفين وإلا فلن يحقق نجاحاً.

وأضاف أنه "في الجانب الاقتصادي لخطة "صفقة القرن" هناك امتيازات جيدة للغاية، لكن المشكلة تكمن في الشق السياسي للخطة نفسها، حيث حاولت إدارة الرئيس ترامب تقديم حزمة اقتصادية متكاملة لدعم الفلسطينيين، لكنها قدمت مبادرتها في صيغة "إما أن يربح الجميع أو لا يربح أحداً".

من جهته قال شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند إن "إدارة ترامب هي الإدارة الأمريكية الأولى التي تتصرف بشكل استباقي لدعم موقف إسرائيل، وكان موقف إدارته من مسألة القدس واضحاً، وهي الإدارة الأولى التي تزيل الإشارة لمرجعيات الحل المعترف بها دولياً كقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات السابقة، وتعتقد أن هناك وضعاً على الأرض تتسيد فيه إسرائيل، وأن على الفلسطينيين القبول بهذا الوضع".

بينما رأى روبرت مالي، رئيس مجموعة الأزمات الدولية أن ""صفقة القرن" برمتها ليست لها علاقة بأولويات الإدارة الأمريكية الحالية، ومن يهتم بها هم فقط من صاغوا هذه الصفقة ويعملون على الترويج لها".

وقال رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر مصري، إن "محتوى صفقة القرن غير معروف لغاية الآن، وما نعرفه هو شيء واحد: هو أن الإدارة الأمريكية قبلت أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل واعترفت علانيةً بذلك، وأن الكنيست الإسرائيلي اعتمد قانوناً وطنياً بذلك، وأصبح جزءاً من القوانين الإسرائيلية".

3 قوى عربية تؤثر بترتيبات المنطقة

ناقش المتحدثون في الجلسة العاشرة والأخيرة من جلسات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس، الترتيبات الأمنية والسياسية والاقتصادية الجديدة في المنطقة وأبرز القوى العربية المرشحة للعب دور إقليمي فاعل.

وقال رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، د. عبد المنعم سعيد، إن "السياسة الخارجية المصرية تقوم على مجموعة من الأطر منها الكمون الاستراتيجي الذي يستهدف حماية الحدود المصرية"، مضيفاً أن "ذلك انعكس في توقيع اتفاقات تعيين الحدود البحرية سواء مع المملكة العربية السعودية أو مع اليونان وقبرص، إضافة إلى ذلك التعامل مع المناطق المجاورة كالخليج على إنها جزء من الأمن القومي المصري، إلا أن ذلك سيكون في حالة الدفاع".

وفيما يتعلق بالدور العراقي المحتمل كمغير استراتيجي لقواعد اللعبة الإقليمية رأى الصحفي والباحث المختص في الشأن العراقي مشرق عباس أن "هناك سؤال يثور بمجرد الحديث عن التأثير الإيراني في العراق، وهو لماذا لم تقم إيران بدعم تجربة شيعية عراقية تنجح في النهوض بالعراق رغم وجود احتياطي نفطي ضخم ونهرين ومقومات اقتصادية كبيرة"، وأضاف انه "لا توجد إلا إجابة واحده لهذا السؤال وهي أن إيران كانت تخشى من تحول هذا النموذج إلى "ضد نوعي" قد يتجاوز حدوده في التعامل مع إيران".

وفيما يتعلق بالصراع في سوريا كساحة مفتوحة للتنافس الإقليمي والدولي، قالت د. رندا سليم الباحثة الرئيسية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد منذ البداية خروج أي قوات أمريكية من سوريا، وذلك رغم اعتراض معاونيه على هذه الرؤية"، وأضافت أنه "حدث تهميش للجامعة العربية والأمم المتحدة خلال تناول الصراع السوري، في حين أصبحت منصة الآستانة هي المنصة الأولى القادرة على تناول الأزمة السورية".