قرأت للوزير والسفير السابق د غازي القصيبي رحمة الله عليه ذات مرة مقالاً حول تأسيس مدينة جبيل الصناعية أن أكثر ما يفخر به هو الإصرار على شروط «المفاوضات» التي تسبق أي اتفاقية بين المملكة العربية السعودية وبين أي شركة أجنبية تسعى لعقد اتفاقيات مع المملكة، إذ بدأت السعودية تفرض شروط نقل التكنولوجيا وتوطينها وشرط تدريب السعوديين مقابل أي عقد جديد، وشرط حصول السعوديين على وظائف قيادية نظير أن تحظى الشركة بأي عقد مع المملكة.

هذا النهج أصبح ساري المفعول منذ ذلك الحين وتطور بشكل أكبر مع رؤية ولي العهد السعودي بمزيد من الاشتراطات التي تلزم الشركات بأولولية الشراء من السوق السعودي وتلزمها بكوتا للمرأة وغيرها من الاشتراطات التي تحفظ حق السعودية في مواردها وتعيد ما تصرفه أي شركة أجنبية إلى السوق السعودي مرة أخرى.

لذلك سعدت جداً بقراءة بعض تفاصيل اتفاقية استكشاف النفط والغاز في القاطع البحري رقم (1) الواقع ضمن المياه الإقليمية والموقعة بين البحرين وشركة إيني الإيطالية، فيتبدى من خلال تفاصيل وبنود -ما نشر - لهذه لاتفاقية أن هناك فناناً يقف خلفها حريص على موارد البحرين ومصلحتها، فقد ألزمت البحرين شركة إيني بتخصيص مبالغ سنوية لتدريب البحرينيين في مجال النفط والغاز ونقل التكنولوجيا، وإلزامها أيضاً بسياسة توظيف البحرينيين المؤهلين وإعطائهم الأولوية في التوظيف.

وليتنا نتبع هذه السياسة في مفاوضاتنا دائماً، وبالنسبة لهذا الشرط لابد من التأكد بأن التدريب يتم في قطاعات هامة تساهم في توطين التكنولوجيا في البحرين وتساهم في تولي البحرينيين مراكز قيادية في المستقبل في القطاعات التشغيلية وما يصاحبها لا أن يتم التعامل باستهتار وتوظيف عدد من البحربنيين لمجرد استيفاء الشرط شكلياً.

كما أوضحت الاتفاقية أن حصة الحكومة في توزيع النفط والغاز المصاحب للاكتشافات تصل إلى 80%، نظراً إلى كون الشركة الأجنبية تقوم بدفع ضريبة دخل تعادل 46%، وهذا أيضاً عدل يجعل من مواردنا مكسباً لنا فلا نبخس أنفسنا حقها.

شملت الاتفاقية أيضاً اشتراطات ما يؤمن لنا بيئة صحية سليمة أثناء عمليات الحفر والتنقيب فبالإضافة إلى ضرورة أن تحصل الشركة على الموافقات البيئية اللازمة للقيام بالعمليات الاستكشافية، وحفر الآبار والتقيد بجميع الأنظمة والتشريعات المعمول بها في البحرين، وإجراء مسوحات بيئية قبل وبعد عمليات الاستكشاف لضمان عدم وجود أضرار بيئية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث أي أضرار بيئية، فإن الشركة الإيطالية مسؤولة عن جميع عمليات التنظيف للمخلفات الضارة بالبيئة في حال حدوثها.

والاتفاقية يتحمل بموجبها المقاول كامل التكاليف المالية والمخاطر الناتجة عن عمليات الاستكشاف، وغيرها من شروط وأحكام محددة تخدم المصلحة العامة، ضمن الإجراءات القانونية والدستورية المعتمدة.

يقول الدكتور القصيبي إن التفاوض فن إلى كونه علماً ولابد أن نجيده إن أردنا أن نحفظ حقوقنا فشكراً لوزارة النفط ولحرصها على التفاوض بشكل يحفظ للبحرين وللبحرينيين حقوقهم.