تعد دراسة العلاقة بين هيكل ملكية الشركات المساهمة المسجلة في بورصة الأوراق المالية ولأداء المالي لتلك الشركات من المجالات الهامة في مجالي المحاسبة والتمويل. بيد أنها من الموضوعات التي لم تنل الاهتمام المناسب من قبل الباحثين في منطقتنا العربية عامة وفي مملكة البحرين خاصة.

وتنبع أهمية دراسة هيكل الملكية في الشركات المساهمة من آثاره الواضحة علي مختلف مناحي الشركة والعديد من جوانب أدائها ، سواء المالي أو غير المالي، وعلى سلوك المستثمرين الحاليين والمحتملين، وعلى سلوك العديد من أصحاب المصالح داخل الشركة مثل أعضاء مجلس الادارة، والعاملين بالشركة في مختلف المستويات، أو خارج الشركة مثل مؤسسات الإقراض واتحادات العمال والباحثين والجهات الحكومية والرقابية المختلفة.

من ناحية أخري، يؤثر هيكل الملكية تأثيراً بالغاً على مدي التزام الشركة بالقواعد المنظمة للشركات في سوق المال وقواعد الحوكمة المطبقة بالمملكة والصادرة من قبل وزارة الصناعة والتجارة والسياحة في البحرين بالاشتراك مع مصرف البحرين المركزي تحت مسمي "دليل حوكمة الشركات" والتي بدأ تطبيقها منذ العام المالي المنتهي في 31 ديسمبر من عام 2011 وتم تعديله في العام 2018.



يذكر أنه يمكن النظر إلي هيكل الملكية من زوايا متعددة أهمها: 1) الملكية المركزة: وتعني أن ملكية نسبة كبيرة من أسهم الشركة تعود إلى عدد محدود من الملاك، أفرادا أو مؤسسات ، تمنحهم السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على الشركة وما يرتبط بها من قرارات، وتأتي السيطرة كنتيجة لامتلاك هذا العدد المحدود من الملاك كل الأسهم أو جزءاً من أسهم الشركة يمنحهم حق التصويت واتخاذ القرارات.

وتكون السيطرة علي الشركة تامة بامتلاك 100% من الأسهم، وتكون شبه كامله أو سيطرة فعلية من خلال امتلاك أكثر من 50% من الأسهم فتحقق أغلبيه مريحة في التصويت عند اتخاذ الجمعية العمومية القرارات الهامة للشركة. وقد تتم السيطرة من خلال امتلاك نوعية خاصة من الأسهم تعطى حقوقا مميزة لملاكها في التصويت مقارنة بغيرها من الأسهم العادية ومن أمثلة ذلك السهم الذهبي الذي خصص للحكومة البريطانية إبان خصخصة شركات المنافع العامة آنذاك.

- الملكية العائلية: وتعني أن تكون الملكية والسيطرة في يد عائلة أو أسرة معينة، تكتسب الشركة شهرتها من شهرة تلك العائلة، وقد يحدث العكس حين تكتسب العائلة شهرتها من خلال الشركة.

يذكر أن هذا النوع من الملكية يتسم في معظم الأحيان بالملكية المغلقة إذ تصل ملكية العائلة إلي نسبة 100% من أسهم الشركة أو تكون أقل من ذلك بكثير بشرط أن تضمن سيطرة العائلة علي الشركة.

- الملكية المؤسسية: وذلك متى عادت الملكية والسيطرة إلى بعض المؤسسات الاستثمارية أو المالية مثل البنوك أو شركات التأمين.

- الملكية الأجنبية: وتعني أن ملكية الشركة والسيطرة تعود إلي أفراد أو مؤسسات أجنبية حيث تقع مقرات تلك المؤسسات خارج هذه الدولة ومثال ذلك الاستثمارات التي تضخ في اقتصاد ما من قبل الشركات متعددة الجنسيات حيث يعد من قبل الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة.

وعلي الرغم من أن العلاقة بين هيكل الملكية وأداء الشركات نالت اهتماماً متزايداً من الباحثين وخصوصا في البلدان المتقدمة، إلا أن تلك الدراسات لم تخلص إلى نتائج متوافقة ، الأمر الذي يحفز إلى مزيد من الدراسات الجديدة في هذا المجال البحثي في منطقتنا العربية وخصوصا مملكة البحرين كي تتناول أثر هيكل الملكية من جانبين :الأول يتعلق بالتركيز في ملكية الشركة (مثل: نسبة أكبر المساهمين بالشركة، نسبة ثاني أكبر المساهمين بالشركة، ونسبة ثالث أكبر المساهمين بالشركة).

بينما يتعلق الثاني بنوعية الملكية (مثل: الملكية الحكومية، ملكية البنوك، ملكية الشركات الخاصة ، ملكية الأفراد (5% أو أكثر)، ملكية الأفراد (أقل من 5%)، ملكية صناديق الاستثمار، وأخيراً ملكية العاملين بالشركة.

ولا شك أن إعداد دراسات ميدانية حديثة في هذا المجال الهام يقدم مساهمة علمية ملموسة ، لما لهذا الموضوع من أهمية في النهوض بأداء سوق المال البحريني في ظل توجه الحكومة لجذب مزيد من الاستثمارات للحفاظ علي مكاسب الاقتصاد البحريني.

أيضا قد تساعد الدراسات الميدانية في توفير معلومات تفيد كلا من : المنظمين ، وصانعي السياسات ، والمستثمرين الأفراد والمؤسسات ، والأطراف الأخري المهتمة بالسوق البحريني، وقد تساعد أيضا في دراسة أسواق المال الأخرى في المنطقة ، لاسيما تلك التي تتسم بصفات مشابهة للبيئة البحرينية

د. جيهان عبدالهادي موسى

أستاذ مشارك بجامعة البحرين