عندما بدأت مبادرة «اكتشف البحرين» التي شاركت فيها مجموعة من الرفاق الشباب من الجنسين، وجدت أني أكتشف الحياة بطريقة ما، وأكتشف الدور الهام للمتعة في حياة الأفراد، لاسيما أنني كنت من محبي الدراسة والعمل والغارقين فيه، بل ومن الخاضعين لقيوده المتعدية للحياة الاجتماعية والخاصة بدعوى يليق ولا يليق. حتى وجدت أني كنت مغمضة العينين لسنوات طوال، كنت أظنني أستمتع فيها بما يكفي من خلال ممارسة بعض الأنشطة التي مازالت تحفظ لي صورة معينة أمام الآخرين، ولنقل أنه أمام نفسي بالمقام الأول.

لا أخفيكم أمراً ترقبونه باستمرار من خلال كتاباتي، فلعلي في مرحلة تحول كبرى ومرحلة انتقال إلى مستوى مختلف من الوعي، مغاير تماماً للمستوى الذي كنت عليه. إن العارفين في مجال الوعي، يعرفون تماماً أن بلوغ درجات عليا من الوعي يتجاوز العلوم الاعتيادية التي نتعامل بها في حياتنا اليومية المهنية والاجتماعية، ويتجاوز ما نحققه من إنجازات أكاديمية أو ثقافية. إن ما نتمتع به من علوم وتخصصات وتجارب وآراء وخبرات لا يرقى لما يمكن تسميته وعياً، ولكنه قد يقودنا إلى تسهيل عملية الوعي التي نرتقي إليه ذات يوم عبر مراحل التطور المستمر التي نخضع أنفسنا لها.

إن الحديث عن المتعة لا ينتهي، والبحث فيه واسع جداً، والتركيز على المتعة في حياتنا واحد من أهم أشكال الوعي الذي أصبح من الضرورة بمكان التركيز عليه على نحو واسع. وفي هذا السياق أستشهد بطرح شيق للدكتور إيهاب حمارنة المدرب في الوعي والكيمياء، إذ أشار إلى أهمية المتعة في تجلي الأهداف وفي رفع مستوى القدرة على التبصر، فالوقت الذي نتيحه لأنفسنا للمتعة خروجاً عن دوامات العمل والالتزامات والضغوط المعاشة يفضي إلى ترك مساحة زمنية لنمو تلك الجهود والأهداف بدون ضغط أو إلحاح، وليؤدي النظام الكوني دوره، وإن أردنا أن نسقط حديثه بمنظورنا العقائدي الإسلامي، فلعله يمكن إسقاطه على مبدأ العمل والتوكل على الله وتفويض الأمر له وحده.

أيضاً في تسجيل شيّق للدكتور سلطان العثيم، تحدث فيه عن خططنا لعام 2020، تناول أهمية وضع المتعة ضمن نوايانا وخططنا، فالمتعة تتيح لنا فرصة تحقيق الأهداف إلى جانب أنها يمكن الوقوف عليها كمحور مستقل نوليه أهمية لا تأجيله بافتراض أن تحقيق الأهداف يجلب لنا المتعة، داعياً إلى المتعة الآنية وليس تأجيل المتع، ولعلها الفكرة نفسها التي تقوم على القول بأهمية الاستمتاع بالرحلة وليس بجهة الوصول.

* اختلاج النبض:

نحتاج أن نلتفت قليلاً لأنفسنا، أن نمنح أرواحنا المتعة التي تستحقها، وألاَّ نتعاطى مع مفهوم المتعة بأن المتعة لا بد أن تكون مدفوعة الثمن من وقتنا وأهدافنا وأموالنا، بل وضعها على قائمة الأولويات.