«كذب المنجمون ولو صدقوا»، بالنسبة لي، وكثيرين غيري، تعتبر من المسلمات التي لا أقبل التفكير أو المناقشة بها. ولا شك أن كثيرين في الفترة الأخيرة بدأ يعيد سماع وتداول مقاطع اليوتيوب وبالتحديد التابعة للمتنبئ اللبناني «أي المنجّم» ميشال حايك التي أطلقها قبل سويعات قليلة من دخولنا العام الميلادي الجديد، والتي أصبحت هذه التنبؤات مع مرور الوقت محل شد وجذب وإثارة مجموعة من المؤيدين والمشككين. وضمن هاتين الفئتين تبقى فئة متسائلة وأنا منهم بالتأكيد، نطرح سؤالاً واحداً دون تحريف: «من أين له بكل هذه التفاصيل المتعلقة بالجانب السياسي، والاقتصادي، والتجاري، والدبلوماسي، والإعلامي، ولا نغفل عن الجانب البيئي والجغرافي، ولا يمنع أن تطال تنبؤاته كوكب المريخ، والأكثر من ذلك أنه أحياناً يطرح الأشياء أو الأشخاص بمسمياتها غير آبه لمعترض أو مؤيد».

وعلى المقلب الآخر وفي الوقت الذي هممت لكتابة مقالي هذا، استلمت مقطع فيديو مدته الزمنية 37 ثانية على برنامج «الواتس أب» من الفيلم الأمريكي The last Ship، لم أعر له اهتماماً.. إلا أن مكالمة صديقتي لي تسألني عن رأيي بالمقطع هي ما دفعتني لمشاهدته والذي يقتصر على حوار بين أبطال المسلسل يتمثل بالآتي: البطل يسأل كيف حصل هذا «أي الخراب».. أريد جواباً!! فالبطلة ترد عليه: «إنه من سبعة أشهر انتشر في بلد عربي وباء مجهول المصدر، تركيبته الجنائية كانت شيئاً غير مسبوق اجتاحت القرية بأكملها وتقتل كل من أصيب بالعدوى. والمسؤولون في ذاك البلد يدعون إلى احتوائهم للوباء ولكن لم يحدث أي من هذا، وبالتالي انتشر الوباء وفتك بالعالم».

لا أخفي عليكم سراً، هذا المقطع الصغير أخذني بالذاكرة إلى الوراء وتذكرت كيف تمت مقابلة بعض الأحداث التي ظهرت في مسلسل العائلة الأمريكي الكرتوني «عائلة سمبسون» مع الواقع، بدءاً من التنبؤ بظهور الإنترنت وأحداث 11 سبتمبر وانهيار البرجين، وأن الملياردير الأمريكي دونالد ترامب سيتولى سدة الرئاسة الأمريكية والقائمة تطول. الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً بين الجمهور بأشمله، إلا أننا نعيد ونعزي أنفسنا أن كاتب السيناريو شخص مطلع ولديه رؤية بعيدة لم يسبق أن فكرنا بها، حتى إن المشاهد نفسه لم يعر لها اهتماماً.

إلا أن تطابق الكثير من الواقع مع الأفلام أو التنبؤات يجعلنا في حيرة وشك وريب مما نشهد ونسمع لنكون على يقين أن الرسائل المباشرة والتلميحات الخجولة يتم تزويدنا بها إما عن طريق الهزل أو الجد أو من باب التمثيل الإنساني أو الكرتوني أو التنجيم.

والرأي لك عزيزي القارئ والحكم بعد أن ترى وتتحقق بنفسك.. وفي كل الأحوال أعيد وأزيد «كذب المنجمون والمخرجون المفبركون ولو صدقوا».