ما من اختلاف على القواسم الثقافية المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد، وكيف أن الثقافة في تلك المجتمعات تشكل تكرارات متواصلة يتلقاها الفرد طوال حياته مشكلة له مسارات فكرية معينة في عقله اللاواعي والتي تنعكس فيما بعد على سلوكه الواعي وممارساته في الحياة والتي تكون مع مرور الوقت -نظراً لتكرارها لدى أبناء المجتمع- عادات وتقاليد وقيم المجتمع. من اللافت أيضاً أن أبناء المجتمع الواحد قد يميزهم عن الآخرين مشكلات اجتماعية معينة وأمراض جسدية معينة، وربما أحياناً يجتمعون على قاسم مشترك للنجاح فعرف مجتمع بنجاحه في إطار معين دوناً عن بقية المجالات مثلاً. كل ذلك تحدده الأنظمة الفكرية المشتركة التي يفكر بها أبناء المجتمع مشكلة في مجملها الوعي الجمعي، وبقدر ما كان الوعي الجمعي محل فخر واعتزاز المجتمعات، وموضوع تفرد وتميز كل مجتمع عن غيره، بقدر ما أنه خلق مشكلات كارثية لمجتمعات برمتها مبنية على نظام فكري معين ومعتقدات تسببت في ظهور أزمات متعددة في الحياة.

لعلنا نلاحظ مؤخراً كيف بدأت تعلو أصوات المدربين والمشتغلين في الوعي الإنساني، وربما سبقهم إلى ذلك علماء النفس في بعض الأوجه، إلى أن ذاكرة الطفولة تلقي بظلالها على حياة الإنسان وتنعكس في رسم شخصيته من جهة وأقداره المترتبة على سلوكه العام في الحياة من جهة أخرى. ربما اليوم باتت الدعوات نحو هذا الموضوع أكثر اتساعاً وتركيزاً في آن، وتفند تأثير الأنماط الفكرية التي تجد طريقها إلى عقولنا اللاواعية ليس في مرحلة الطفولة فقط وإنما في مراحل حياتنا المختلفة، ويشار إلى أن أغلب ما يسمح له بالمرور عبر بوابة العقل اللاواعي التي يصعب اختراقها، ما يتعلق بالأمور التي ارتبطت بشعور قوي سمح للفكرة بالمرور، أو التكرار الذي يسمح برسم مسار فكري يقوى كلما زاد حجم التكرارات التي تتلقاها الحواس، وهو ما يجعلني أخشى من تكرار كلمة «كورونا» على نحو جنوني في الآونة الأخيرة، والتساؤل حول ما ستخلفه من نتائج في سلوك البشر وممارساتهم وأقدارهم في المستقبل.

إن فهم خطورة الأنظمة الفكرية التي تعمل بها عقولنا بل وتدار من خلالها، يجعلنا نراجع أنفسنا ملياً في إمكانية مراجعتها متجاوزين في بعض الأحيان بعض المعتقدات الاجتماعية البالية، وإحلال معتقدات إيجابية تسهم في نمائنا وتطورنا في المستقبل، لاسيما وأننا بدأنا نعي من خلال كثير من الأطروحات كيف أن الأنظمة الفكرية «سلبية/ إيجابية»، لها تأثير كبير في بنود وملفات غاية في الأهمية في حياتنا نحو ملف الصحة والتشافي، وقدرتنا على تفعيل قانون الجذب من عدمها، وقدرتنا على أداء رسالتنا الروحية في الأرض، وغيرها كثير.

* اختلاج النبض:

كثير من ثقافاتنا اليوم مستمدة من تجارب سلبية وأنماط فكرية لأناس سبقونا، ولكن من غير المعقول أن يتم تعميم تلك التجارب كما لو أنها دستور الإنسان على الأرض، بينما ثمة كثير من الأفكار والأنماط الفكرية الإيجابية أو لنقل المتوازنة التي يمكننا تبنيها لننعم بأسلوب حياة أفضل.