الكارما مصطلح بدأ يشق طريقه بقوه في الثقافة الاجتماعية العامة. كثيرون يؤمنون به، ولكن أغلبهم لا يعرفون تحديداً أين نشأ وكيف اشتق. إنهم يؤمنون بالحلقة الدائرية للكارما التي تربط آثار النتائج على المرء بأسبابها الناشئة من أفعاله. فحين تعمل خيراً فإن الكارما تدور دورتها وتكافؤك. وحين تفعل شراً فإن الكارما تدور دورتها وتنتقم منك.

الكارما معتقد ديني تعود أصوله إلى الديانات الهندية وتحديداً البوذية والهندوسية. وهو قانون كوني عام وأبدي لا يسري على البشر فحسب. بل إن قانون الكارما يطبق كذلك على الحيوان والنبات والميكروبات الدقيقة أيضاً. وأصل المعتقد مرتبط بعقيدة «التناسخ» التي تؤمن بولادة الكائن الحي مرات ومرات في أجساد مختلفة في كل مرة. والذي يحدد الجسد الجديد وطبيعة الحياة الجديدة هو عمل المرء في الحياة السابقة. فالصالحون يعاد ميلادهم في أجساد الكهنة ثم الملوك ثم الأثرياء والسعداء في الحياة. أما الأشرار فإن أرواحهم تخلق في الحيوانات والحشرات القذرة التي تعاني المخاطر والموت السريع.

الكارما لا تنتظر الممات. إنها تكافئ وتعاقب في دورة الحياة. منطق يشبه القصص القديمة حين ينتصر الخير على الشر في آخر المطاف. وحين ينال المسيء جزاءه ويكافئ المحسن. وهو منطق حكم السينما الهندية أعواماً طويلة ويكاد يكون السمة الغالبة عليها.

وإذا كانت الكارما معتقد ديني هندي في الأصل. فإنها، كذلك، اعتقاد بشري جمعي متمثل في مختلف الأديان والمعتقدات. فقبل الإسلام عرف العرب الهامة وهي روح القتيل التي تظل تهيم حتى يتم الثأر له. وفي الأديان السماوية فإن مفهوم الدعاء وسيلة للنجاة وتغيير الأقدار. والأصل في كل ذلك أن الإنسان يبحث عن الخلاص الدنيوي، وعن النصير الغيبي الذي يحميه ويرعاه حين تعجز الحيل والأسباب عن ذلك.

هل هناك فعلاً دورة للكارما أو ما شابهها؟ هل القصص القديمة التي تعلمناها في الطفولة أن الخير ينتصر في النهاية: حقيقة أم خيال؟ ومتى يكون نهاية المطاف؟ آخر العمر؟ أو بعد مئات السنوات؟ إنها أسئلة تغري بالكارما لكنها لا تحقق فرجاً ولا تحل مشكلة ولا تغير من واقع.