بما أن الوضع العام في بلادنا يشهد حالة من الابتهاج والسرور نتيجة انتهاء العام الدراسي، والأهم من ذلك نجاح أبنائنا

الطلبة في فترة هي الأعسر والأغرب على مدى السنوات أو العقود الماضية، اعتقد أنها فرصة لأبوح بأمر أحفظه في ركن الذكريات وله علاقة بالتعليم وأجواء المدارس.

ذكرى في المرحلة الابتدائية تنقسم بين حالتين، حالة كان لها أثر سلبي لسنوات كثيرة من حياتي، ففي عمر 10 سنوات دخلت مكتبة المدرسة أشاهد وأقلب الكتب، وأستمتع بما بها من رسوم وصور. وفي الطرف الآخر، وعلى مقعد أمينة المكتبة تجلس مُدرِّسة -يبدو أنها كانت مرغمة- لأجدها في لحظة تقف أمامي بكل غضب تقول لي «ما اسم الكتاب الذي بيدك ؟». لم أستطع وقتها الإجابة من الخوف والارتباك، لأجدها تسحب الكتاب من يدي، وتقول لي «أطلع من المكتبة، شكلك لا مال قراءة ولا كتابة»، لأجد نفسي بعدها أكره الكتب وأكره تلك المُدرِّسة.

أما الحالة الثانية، فكانت في نفس المدرسة، مُدرِّسة الرسم «أبلة فاطمة» من مصر، التي لا أزال أذكر اسمها ووجهها البشوش، هذه المدرسة ما إن شاهدت رسوماتي إلا وجدتها تمسك بيدي وتقول لي «مكانك في الأمام أنت فنان». أبلة فاطمة منحتني الثقة وبعض الكلمات التي شجعتني لأرسم، حتى دخلت في نفس العام مسابقة للرسم على مستوى مدارس البحرين، وفزت وفازت مدرستي بالوسام الذهبي.

كرهي للكتب انتهى في مرحلة من حياتي بفضل بعض الأصدقاء وبعض الكتب الجيدة. إلا أنني وفي كل مرة تأتي مناسبة في مدارس ومرحلة ابتدائية أتذكر تلك المُدرِّسة. إلا أن الحظ قد لا يحالف البقية المعنفة، ففي عمر الطفولة يحتاج الطلبة إلى الحنان في المقام الأول مع توجيه سليم، فليس هناك طفل غبي من تلقاء نفسه، بل هو تأثير البيئة والأشخاص الذين يحيطون به.

فكم من طفل يكره مادة اللغة العربية أو الرياضيات أو حتى الرياضة ليس من تلقاء نفسه، بل بسبب الشخصيات المريضة التي تجد في هؤلاء الأطفال فرصة لتفريغ الغل والضغط النفسي فيهم، وتمتهن مهنة التعليم للأسف. وكم من طالب بلغ التميز بفضل شخصية إيجابية تقف خلفه وتوجهه إيماناً بعظمة مهنته وأثرها على المجتمع.

كم أتمنى أن ألاقي معلمتي فاطمة، لأقول لها شكرا، وكم أتمنى أن أمثالها محل تكريم وتقدير من قبل وزارة التربية والتعليم.

المعلم يجب أن يكون الأكثر سعادة والأكثر مكانة في بلادنا، وحينها ستنعكس منه الروح الإيجابية تجاه جميع الطلبة بلا استثناء.