سماح علام

أكدت مستشارة وخبيرة السعادة والإيجابية سفيرة السعادة وجودة الحياة ابتهاج خليفة، أن الهموم والمشاكل موجودة في حياة كل إنسان؛ إذ لا يوجد حياة وردية خالية من الهموم، ولكن يوجد طريقة تعامل وإدارة لهذه الهموم، بل أسلوب تكيف مع الأحداث والمشاكل والهموم، مبينة أن المجتمع البحريني واعٍ ومتحضر أثبت تعامله مع الأزمات، سواء كانت على المستوى الفردي أو المجتمعي لجائحة كورونا التي فرضت كثيرا من التغييرات في ممارستنا اليومية.

وأوضحت أن السلام الداخلي هو هدف يتعلق بتحقيق التصالح مع الذات، وتعزيز الثقة بالنفس، وإدراك القوة والضعف، وبينت أن تحقيق السلام يأتي نتيجة إراحة العقل وعدم التفكير في الماضي، والاهتمام بالحاضر وعدم التفكير بالمستقبل بشكل مفرط.



ولفتت خليفة، إلى أهمية الصبر والحرص على وضع الأهداف ووضع إستراتيجيات لتحقيقها شرط الواقعية، مع توظيف مكامن القوة في النفس وعدم الاستسلام للضعف.

جاء ذلك في لقاء "قروب الأسرة" الأسبوعي بعنوان "المجتمع الإيجابي .. بين السلام وتحدي الهموم"، إذ بينت أهمية التفكير الإيجابي في ظل كورونا، ودور المنزل في الإدارة الصحيحة لجميع المشاكل التي قد يصادفها أفراد الأسرة.. فإلى تفاصيل الحوار..

كيف نضمن التعامل الإيجابي في إدارة المشاكل والهموم؟

من المهم التركيز على مكامن القوة والجوانب التي تحسن من النفسية، إذ لا بد من رفع الثقة والحرص على الاستقرار النفسي، مع التحلي بالأمل والتفاعل والقناعة والرضا عن النفس، لكي يرتفع مؤشر الطمأنينة ونصل إلى التفاؤل والسعادة، فبالأمل نتحمل المشاكل ونصبح أقوى، والتفكير الإيجابي يعزز العلاقات مع الناس.

فالبحرينيون ودول الخليج يمتازون بالنفسية الطيبة ومحبة الناس، انطلاقا من الطبيعة الساحلية وأيضا من ثوابت ديننا الحنيف.. فالإيجابية تفرز السعادة، وتجعل طاقة الإنسان عالية وجميلة لتؤثر في الذات والمحيط.. إذا لدينا علاقة طردية بين الإيجابية والسعادة.

الهموم والصحة

"الهم يجلب الغم"، فكيف نجعل الإنسان أكثر قدرة على التحكم بهمومه ومشاكله؟

التحكم بالهموم والمشاكل يؤدي إلى الوصول إلى مستوى عالٍ من الصحة، فإذا نظرنا إلى الهموم والمشاكل من زاوية ضيقة فهذا يجعلها أصغر حجما وبالتالي أقل تأثيرا، وهذا هو الفيصل بين من يصغر من المشكلة ويتجرد من تأثيرها، وبين من يعيش في داخلها، لذا من المهم جدا الابتعاد عن الهموم والمشاكل.

من المهم أيضاً، تقوية النفس على تحمل الألم النفسي والجسدي للمشاكل، فكثير منا يشكو من آلام الظهر والرقبة والدسك، بخلاف آلام المفاصل، فالهموم تؤثر على الجهاز العصبي، وبالتالي تسبب الأرق والكوابيس والرغبة في البكاء.

تؤثر الهموم على الجهاز العضلي من آلام في الظهر والرقبة والمفاصل والركب، فكلها آثار نفسية تظهر على الجسد، أيضا الهم يؤثر على الجهاز التنفسي، فيسبب الضيق والكتمة فيجد الإنسان نفسه وكأنه حامل حملا ثقيلا على صدره.

كما تؤثر الهموم والمشاكل أيضاً، على الجهاز المناعي عند الإنسان، كما تؤثر على القلب، وقد تؤدي إلى الذبحة الصدرية، هذا بخلاف مشاكل صحية أخرى كالصدفية والثعلبة وحب الشباب.

رب كبير

كيف يكبر الإنسان على مشاكله، وكيف يتحكم بها؟

يجب ألا نقول: "يا رب عندي هم كبير" ، بل نقول : "يا هم عندي رب كبير"، وهذه الكلمة تكفل لنا انتظام الحياة ، فكثير من الناس يذهبون للبحث عن علة عند الأطباء ، بينما الأصل هو الهم ، من هنا نؤكد أن العبد يلهو بالتفكير والرب في التدبير، وهو خير المدبرين.

وللخروج من المشاكل لا بد من توسيع دائرة الاهتمامات، ونصيحتي هي شارك في العطاء والتطوع؛ فالتطوع علاج وإنجاز ونجاح، والبحرين زاخرة بفرق تطوعية في ظل كورونا، وهذا ما يميز مجتمعنا، أيضا أنصح بمشاركة الناس همومهم؛ فالمثل يقول: "من يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته".

أنصح أيضا بالفضفضة للمقربين أو الاستشاريين، فهي طريقة علاج ناجعة، فكتمان المشاعر يؤدي إلى الانفجار، أيضا أنصح بالرياضة والتأمل والاسترخاء والجلوس عند البحر الذي يساعد على ارتفاع هرمونات السعادة، وأهل البحرين مرتبطون بالبحر، وسواحلنا زاخرة بمرتاديها طوال اليوم.

كل ما نكبر نصغر

هل المشاكل تقصر العمر فعلا؟

الهموم تبرز خطوط الشيخوخة، وتكبر الإنسان، والاستسلام لها يكبر الإنسان فعلا، من هنا نقول لا بد من الحفاظ على جمال أشكالنا بالإيجابية، فما أجمل أن نظهر أصغر من سننا! لأن الحياة جميلة وتستحق العيش، فما في القلب ينعكس على الوجه، إذا علينا الاهتمام بهذا الأمر، وحسن المظهر يؤثر على الإنسان وعلى نفسيته دائما.

اعتنِ بنفسك، فالسلام موجود في داخلنا منذ الولادة، ولكن علينا الحرص على زيادة المؤشر دائما على مر السنوات، فهو ليس هبة من الخارج، بل يخرج من الداخل ومنبعه الذات؛ فكل إنسان لديه سلام داخلي خاص به، عليه تقويته وتغذيته قدر الإمكان.

صفات الشخصية الجميلة

ما صفات الشخصية الجميلة؟

الشخصية الجميلة هي من تختار الكلام الطيب وتلتزم بعدم جرح الأشخاص، وتكون الابتسامة لديها سباقة للكلام.

صاحب الشخصية الجميلة يمتاز بالشخصية البسيطة التي تستمتع بالتفاصيل الصغيرة، وتستمع لمشاكل الناس باهتمام وتسعى لحلها، فالإنصات للآخرين هو جانب متقدم من العطاء والاهتمام.

أيضاً، يتميز الإنسان صاحب الشخصية الجميلة بالمشاركة في الأفراح والأحزان، وتسجيل حضوره بين الناس ومعهم، ولديه ردة فعل إيجابية دائما ويحمد الله ولديه مستوى عالٍ من الرضا.

تدريبات حياتية

كيف ندرب أنفسنا على كل ما تفضلت به من تفاصيل حياتية؟

لنأخذ مسطرة أو دفترا وقلما، إذ يمكن قياس مستوى السعادة والرضا 3 مرات في اليوم، في الصباح، وبعد الظهر، وقبل النوم، فطول اليوم يكون الإنسان محاطا بأسباب تغير المشاعر وتؤثر فيها، وهناك أسباب تزيد من السعادة وهناك أسباب تقلل منها، إذا القياس في حد ذاته يجعلنا أكثر وعيا لأنفسنا، وهذا الأمر يجعلنا قادرين على الحد من تأثير الأخبار السلبية وتأثيرها علينا.

ومع الوقت سنحد من تأثير الخبر السلبي علينا، ويمكن أن نمارس هذا الأمر مع أبنائنا، كما يمكن رسم ترمومتر في البيت في جانب معين، وأيضا يمكن عمله في المكاتب، والهدف هو تحسين الطاقة وزيادة الإيجابية مقابل السلبية.

تدريب آخر، خذوا أصابعكم وارسموا صورة الكفين على ورقة، ونبدأ نكتب في أصابع الكف على اليمين الأشياء التي سببت لنا السعادة، وفي اليسار نكتب الأشياء التي كانت مصدر حزن وقلق، ونرى أين كتبنا الأشياء بسرعة، وأين نكتب الأشياء ببطء، هنا نعطي أنفسنا مؤشرا ونبدأ بالتفكر، ولنتذكر أن الأشياء التي تسعدنا كثيرة ولكننا لا نتوقف عندها، وهذا التمرين يمكن عمله مع الأبناء، ويمكن كتابة أكبر عدد ممكن من الأشياء التي تسبب لنا السعادة، ونحن محاطون بها ولكن لا نستشعرها أو أدخلناها في دائرة الاعتياد.

المرحلة الملكية والرضا

كيف نصل للمرحلة الملكية وهل هي واقع أم تنظير يطرح في الكتب ؟

لا بد من التنبيه إلى أن الفشل محطة تؤدي إلى صناعة النجاح، إذا لا نخاف الفشل ولا نعيش في دائرته، والنجاح يحقق السلام الداخلي، أما المرحلة الملكية فهي مرحلة الرضا التام وتقبل الحياة بكل ما فيها، وهي قوة داخلية تخرج من الإنسان نفسه، فالمثل يقول: "الضربة اللي ما تهزك تقويك" ، أو "الضربة اللي ما تعورك تقويك"، من هنا نتحدث عن مرحلة متقدمة من ضبط النفس والاتزان.. السعادة الدائمة لا ترتبط بالمال، فالفرح مرتبط بسبب وعادة ما يكون فرحا وقتيا يزول بزوال المسبب، أما السعادة فهي نمط حياة دائم".

زاوية الانتعاش في المنزل

هل السعادة مرتبطة بالمستوى المادي الجيد، وما مدى تأثير الماديات على إحساسنا بالسعادة؟

ابتهاج خليفة: أصنع زاوية انتعاش صغيرة في منزلك، فمثلا وفروا نافورة صغيرة واجلبوا قفصا فيه عصفور أو عصفوران في البيت، وجملوا المكان بنباتات داخلية ، وراقبوا الطاقة الإيجابية التي ستعم في المكان، وصوت الماء وزقزقة العصافير كل صباح، فهي أشياء بسيطة جدا ولكن تأثيرها كبير وملموس، وأنصح الجميع أن يضيفوا هذه اللمسات في منازلهم، ومراقبة الفرق الكبير.

وهنا يجدر الحديث عن مفاتيح السعادة، التي تبدأ باستشعار النعم، وعدم تأجيل السعادة، فعش اليوم ولا تنتظر سعادة الغد، واحرص أن تكون السعادة مستدامة، فالسعادة المستدامة هي السعادة البسيطة النابعة من الذات، مثل شرب الشاي أو فنجان قهوة، والجلوس عند البحر أو الجلوس في زاوية هدوء في المنزل.. إذا مفاتيح السعادة هي : اتسم بالعطاء، وتحلّ بالابتسامه رغم الظروف، واترك القلق، ولا تكره أحدا، ولا تحمل المشاعر السلبية لأحد، لا حقد ولا حسد ، فالتسامح قيمة عظيمة، ولنتوقع الخير، لنعش معا في بساطة، وليدع بعضنا لبعض بالخير، فالدعاء في الصلاة وفي أثناء الجلوس يؤدي إلى الخير والاطمئنان والسكينة، وهذه صفات المؤمن.

لصوص السعادة

ما المنغصات التي يجب أن نواجهها في حياتنا، وكيف نتعامل معها؟

ثمة لصوص للسعادة، أولها الأنانية، فالأنانية قاتلة لكل شيء جديد، والطمع يجعلنا نستصغر الأشياء التي نملكها، أيضا علينا الحذر من السيطرة، وعدم العيش في الماضي، وألا نفكر في المستقبل بل نعيش اللحظة باستمتاع كبير في ظل التخطيط للمستقبل.. قد يخاف البعض من الخروج من دائرة الراحة أو صندوق الراحة التي لا تجعلنا نخوض أي تجربة جديدة.

العيد فرحة

البعض يقول: إننا لن نفرح في العيد في ظل كورونا، فما ردك على ذلك؟

ابتهاج خليفة: العيد فرحة وها نحن نعيش أجواء العيد، من هنا علينا الاستفادة من برامج الأون لاين المجانية، ولنعش الفرح اللحظي المسبب، ولنشكل واقعنا السعيد الدائم، ولنحيِ مجالسنا ولنلبس الجديد ونفرح بالعيد .. ولنتبادل الحديث والكلمات الطيبة، هكذا نحافظ على السعادة، فزينة العيد سعادة.

سأقدم هنا تمرين الحياة الطيبة، فمثلا صبح على نفسك وقل: أصبحنا وأصبح الملك لله بطاقة إيجابية عالية، ولنضع لأنفسنا 5 أهداف يومية، وقبل النوم لنتذكر الأشياء الجميلة التي مرت كل يوم، ولنعش كل يوم على أنه مغامرة جميلة، ويوم مليء بالتجارب والسعادة، ولنجعل كل يوم مميزا بشيء جديد، ولنشكر الله كل يوم على 5 نعم استشعرناها، وسنجدها كثيرة ، وآخر القول: " انظروا إلى العالم ، وارنوا بمدى نظركم إلى الأفق الواسع، وستجدون أن همومكم ومشاكلكم أصغر بكثير مما هي عليه في هذا الكون".