في الوقت الذي يعاني فيه العالم من الانعكاسات الاقتصادية نتيجة الانتشار العالمي لفيروس كورونا (كوفيد 19) برز دور استثنائي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بتوجيهاته السامية لمعالجة هذه الانعكاسات من خلال حزمة مالية واقتصادية بقيمة 4.3 مليار دينار استفادت منها جميع القطاعات ومجمل المواطنين والمقيمين، ورفعت المعاناة عنهم وتمددت الحزمة الاقتصادية الثانية للقطاعات الأكثر تضرراً وجميع المواطنين، وكل هذه التوجيهات من جلالته تصب في صالح الاقتصاد الوطني. في الوقت ذاته، يبقى السؤال مع استمرار الأزمة وتقارير المحللين الاقتصاديين غير الإيجابية حول الأوضاع العالمية فكيف يمكن أن نستعد لتبعات «كورونا» في الداخل والخارج؟

إذا نظرنا للاقتصاد المحلي فهو نتاج عقود من العمل المتراكم ليصل إلى هذه المرحلة المتقدمة والمتكاملة والعمل على المحافظة على أساساته وتنميته، والجهات الرسمية في الدولة وضعت الأهداف لذلك في المرحلة القادمة في مملكة البحرين نحتاج إلى استعدادات أكبر لأي سيناريو يتسبب فيه فيروس كورونا (كوفيد19).

بالعودة إلى ما قبل أربع عقود من الزمان مر العالم في فترة ركود اقتصادي وبالنظر إلى طريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع هذا الأمر، استذكر مقابلة تلفزيونية للرئيس السابق رونالد ريغن حين تم سؤاله حول خطته للخروج من هذا الركود، فقال إنه درس في الجامعة عن نظريات العالم العربي ابن خلدون وستكون محل تطبيق لحل الأزمة، وقبل شهر واحد طرح هذا السؤال على رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون وكرر نفس الإجابة بالعودة إلى نظريات ابن خلدون في التعامل مع الركود، الأول نجح في تحقيق النظرية وحقق النتائج المرجوة والثاني يمر بهذه النظرية وقد يحقق النجاح في الفترة المقبلة.

تعتمد النظرية على خفض الضرائب وضخ الأموال في فترة الركود لتجنب مرور الدولة إلى مرحلة الكساد الاقتصادي وهي مرحلة خطرة تحتاج إلى إعادة بناء اقتصاد وعادة ما يأخذ العلاج سنوات طويلة من العمل، لذلك نحن أولى بهذا العالم العربي ونظرياته التي يتم تدريسها في أعرق الجامعات العالمية.

الغرب وثق في نظريات ابن خلدون وطبقها ونجح فيها سابقاً وسوف ينجح في وقتنا الحاضر، ويوجد لبعض الدول مرجعيات بحسب قراءاتي فمنهم من يعتمد على أطروحات ابن خلدون ومنهم من يعتمد أطروحات المفكر الإيطالي نيكولو ميكافيلي المؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والاثنان معاصران بعضهما لبعض وعاشا في القرن الرابع عشر، فقد عرف مكيافيللي بذكائه واستخدامه لمآرب محددة ويعلم الآخرين من فشله في حياته السياسية بينما كان ابن خلدون ناصحاً وأميناً في إدارة الدول والسياسية والقضاء واستفاد الكثير من أسفاره وبلغت لديه الخبرة كوسيط للخلافات بين ملوك بلاد المغرب والأندلس.

من هنا علينا معرفة أوضاعنا بدراسة قوتنا المادية والبشرية ونطورها وما هي عناصر الضعف عندنا لمعالجتها وما هي الفرص الموجودة لنستثمرها ومعرفة المخاطر الحالية والمستقبلية لوضع الخطط لتجنبها أو الاحتراز منها لتخفيف تبعاتها.

المرحلة الحالية لا تحتاج للفكر الاعتيادي بل لقرارات تحاكي الوضع الحالي والمستقبلي بقيادات حكومية تقرأ ما بين السطور وتندمج بفكرها المستنير في فريق البحرين لإكمال المسيرة بتحقيق الإبداع وتطبيقه بكفاءة.

* عضو مجلس النواب