تزامن تحوّل الدول الخليجية إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية بمقاطعة قطر المتورطة في الإرهاب ودعم الجماعات الراديكالية في العديد من الدول، وتبنيها أجندات أيديولوجية، ورغم التذبذب في معالجة الأزمة القطرية، إلا أن دخول جائحة (كوفيد 19) زاد من تعقيد المشهد الخليجي تعقيداً.

لدينا الآن انقسام حاد في العلاقات الخليجية ـ الخليجية، واحتلال تركي ـ إيراني للعاصمة القطرية الدوحة، وتراجع الدور الأمريكي أكثر في الخليج العربي، ودوائر إقليمية متنامية السخونة مثل بيروت وأحداثها الدراماتيكية، وما يجري حول مصر من تغلغل للتورط التركي في ليبيا والعمل على استقطاب جماعات إرهابية إلى الحدود المصرية، فضلاً عن تصاعد قضية الأمن المائي المصري من جديد بعد خلافات حادة مع إثيوبيا.

النتيجة إذن بيئة غير مستقرة أكثر من أي وقت مضى، وهي بيئة بالتأكيد تحمل الكثير من التحديات، وكذلك الفرص فيما يتعلق بالتحالفات السياسية، فكيف ستكون؟

تتعدد التحديات، لكن هناك ثلاث تحديات رئيسة ستواجه التحالفات السياسية في الخليج العربي، وهي:

أولاً: التحالفات الإيرانية غير التقليدية: تسعى إيران منذ فترة إلى تشكيل تحالفات غير تقليدية مع أطراف دولية كبرى، وتقديم تنازلات سيادية ضخمة لها، كما هو الحال مع الصين، ما ينذر بهيمنة صينية مستقبلية على المنطقة بعد أن كانت خاضعة للنفوذ البريطاني ثم الأمريكي.

ثانياً: تنامي الدور الإرهابي القطري: مازال النظام السياسي القطري يتبنى أجندات التغيير السياسي ودعم الجماعات الراديكالية في الدول، وهي أجندات لا تختلف تماماً عن أجندات طهران التي تبنت مبدأ تصدير الثورة منذ ثمانينات القرن العشرين. فاستمرار هذا الدور يعني تشكيل محور بين ضفتي الخليج العربي للتغيير السياسي، ما يتطلب مراجعة شاملة لاستراتيجية التعامل مع هذين البلدين، مع ضرورة تجاوز الحلول الدبلوماسية، فالاستراتيجيات غير التقليدية التي تتبناها الدوحة وطهران، تتطلب أيضاً معالجة واستراتيجيات غير تقليدية.

ثالثاً: تراجع الدور الأمريكي والأوروبي: تراجع هذا الدور منذ نهاية عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما لاعتبارات عديدة، واستمر هذا التراجع في عهد الرئيس الحالي ترامب. ويمثل ذلك تحدياً في الحاجة لملء الفراغ السياسي في النظام الإقليمي الخليجي، وتجاهل ذلك يعني قدوم قوة كبرى جديدة لتكون بديلاً استراتيجياً في المنطقة.