حالة من الصدمة والدهشة والاستغراب اجتاحت كل منصف شاهد فيديو «محطمتي التماثيل» في أحد المحلات التجارية، الذي انتشر مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمدت خلاله امرأتان إلى تحطيم محتويات محل تجاري بالجفير والتفوه بكلمات لا تليق ببلد يحترم حرية الدين والمعتقد والضمير وأهله.

ما قامت به المرأتان يتجاوز الإساءة إلى معتقدات الآخرين بل والتعدي على ممتلكاتهم وأموالهم الخاصة، ذلك أن الواقعة حدثت في محل تجاري، والسكوت عن هذه الحادثة يعني فتح الباب أمام الآخرين للقيام بأفعال مماثلة.. والسلام على الدولة.

ما حدث لا يمكن أن يعبر عنه بأقل من أنه «بلطجة» و»استقواء» على عامل بسيط، ولا يمكن أن يبرر في أي حال من الحالات بأنه نصرة للدين أو أنه من أخلاق الإسلام في شيء، خاصة وأن موقف الإسلام من مخالفيه واضح وضوح الشمس في سورة الكافرون «لكم دينكم ولي دين».

علاوة على ذلك فإن إقحام اسم جلالة الملك بقول المرأة المتعدية أن «هذا بلد حمد بن عيسى»، في إشارة إلى أن دين الدولة هو الإسلام، فهو إقحام في غير محله، وينم عن جهل مدقع بهذا البلد الذي تتكلمان عنه وبمليكه.

فالبحرين التي صانت حرية الرأي والضمير والمعتقد منذ البدء ومليكها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الذي وضع هذه الحريات في خانة الأولويات وأنشأ ما أنشأ من الأجهزة والمؤسسات والهيئات وأصدر ما أصدر من التشريعات بغرض صونها وحفظها وحمايتها لا يمكن أن يتسقا مع عمل كهذا.

لقد كان التنوع – ولا يزال – سمة المجتمع البحريني إذ ليس من المستغرب هنا أن تجد المسجد بجوار المأتم، والكنيسة المسيحية والكنيس اليهودي، والمعبد الهندوسي والبوذي، إضافة إلى دور العبادة المخصصة للبهائيين والبهرة، وهي حالة قلّ أن تجد لها نظيراً على الصعيد الخليجي أو العربي أو الإقليمي أو حتى على صعيد العالم.

وبالتالي فإن من يحاول الإساءة إلى مثل هذه الحالة المميزة من التسامح الديني والمذهبي سيكون عصا في عجلة التنمية، ذلك أن تنوع المجتمع البحريني هو ضمانة صيرورة عجلة تنميته واستقراره السياسي ورخائه الاقتصادي.

ولعل ما أثلج الصدر حقاً في هذه الواقعة هو التجاوب السريع الذي أبدته وزارة الداخلية ممثلة في مديرية شرطة العاصمة حيالها، إذ سرعان ما استدعت المرأة التي قامت بإتلاف محتويات المحل وتحقير إحدى الملل علنا تمهيداً لإحالتها إلى النيابة العامة – جهة الاختصاص.