الولايات المتحدة مضت بقوة في تنفيذ ما أعلنت عنه مسبقاً بشأن إعادة العقوبات على إيران، وحددت بكل دقة موعد تلك العقوبات وهو منتصف ليل 20 سبتمبر الجاري، في تحدٍ واضح وصريح لمجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي الذين رفضوا تمديد العقوبات الأمريكية على إيران وأكدوا ضرورة انتهائها في موعدها المحدد وهو 18 أكتوبر المقبل، رغم عدم التزام إيران بالشروط الـ12 المحددة لرفع العقوبات عنها.

ولكن وزيرالخارجية الأمريكية مايك بومبيو، أعلن عن إعادة العقوبات على إيران، غير عابئ ولا مكترث بمجلس الأمن وبمن فيه، بل إن بومبيو ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما ألقى بعض الكلمات «الثقيلة» والقاسية على مجلس الأمن، حيث قال وأقتبس: «.. فشل مجلس الأمن في التمسك بمهمته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين». انتهى، وربما هذه كلمات لا تليق بأهم أجهزة الأمم المتحدة، ولكني شخصياً أتفق مع بومبيو فيما قاله في هذا الموقف تحديداً.

فكيف لمجلس الأمن أن يرفع العقوبات عن نظام لا يزال يهدد دول جواره، ويتدخل في شؤونها الداخلية؟ بل ويُحرض أبنائها ويشعل الفتنة فيما بينهم من خلال إعلامه الساقط وأذرعه الخائنة لأوطانها، هل يسمح مجلس الأمن لهكذا نظام أن يهدد الأمن والسلم في المنطقة؟ وهل يسمح المجلس لنظام أن يزرع خلاياه وأحزابه في دول أخرى من أجل السيطرة عليها تلك الدول كما حاصل في لبنان والعراق واليمن؟ وهل يرضى مجلس الأمن بأن تقوم إيران بتدريب عناصر وإرسالها لدول الجوار لتنفيذهم عمليات إرهابية؟

إن مجلس الأمن مطالب بأخذ العقوبات الأمريكية على محمل الجد، لأسباب أبرزها أن رفع العقوبات عن إيران سيؤدي إلى عدم استقرار السلم والأمن الإقليمي في المنطقة، إذ سيواصل النظام الإيراني تمويل الإرهاب وتدريب الإرهابيين الموالين له بشكل أكبر من السابق بسبب انتعاشه الاقتصادي المتوقع بعد رفع العقوبات، كما أن مجلس الأمن تسبب عبر مخالفته الرغبة الأمريكية في إحراج الولايات المتحدة أمام حلفائها وشركائها في المنطقة المتضررين من إيران، ولعل ذلك ما دفع الولايات المتحدة إلى التلويح بـ«الفيتو» ضد أي قرار يخالف إعادة فرض العقوبات على إيران، ثم إن مجلس الأمن من مصلحته عدم زيادة الخلافات ومحاولة لملمة «بيته» خاصة بين الدول الدائمة العضوية فيه، فقد تربك كثرة الخلافات المجلس وتجعله عرضةً للنقد الدائم من الأعضاء كافة، مما قد يفقد المجلس أهميته وهيبته.