أكد عدد من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي والعمل الأهلي ارتفاع مستوى وعي المرأة البحرينية تجاه ضرورة الحفاظ على صحتها من خلال اتباعها أساليب الحياة الصحية وتجنب الأمراض السارية والمزمنة، بما في ذلك مبادرتها إلى الكشف المبكر عن سرطان الثدي، مستفيدة من الخدمات الصحية المتقدمة التي وفرتها مملكة البحرين في هذا المجال.

وأكدوا أهمية الحفاظ على صحة المرأة البحرينية كركيزة أساسية في صحة المجتمع ككل، حيث إن إيلاء أهمية خاصة لصحة المرأة من شأنه أن يعود بالفائدة ليس عليها فقط وإنما على استقرار الأسرة والمجتمع البحريني عموماً. ونوهوا أيضاً إلى أهمية المساندة الأسرية لتشجيع المرأة على الإقبال على الفحوصات المبكرة والدورية لسرطان الثدي، وأنها دليل إضافي على ارتفاع مستوى الوعي والمسؤولية لدى كافة أفراد الأسرة في مواجهة هذا المرض.

ارتفاع الحالات المكتشفة يعود لارتفاع الوعي



رئيس جمعية البحرين لمكافحة السرطان استشاري أمراض الثدي والجراحة العامة عبدالرحمن فخرو، أكد أن رئاسة الجمعية فخرياً من قبل صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة قرينة جلالة الملك، وحرص سموها على متابعة فعاليات الجمعية ودعمها، هو أكبر دليل على مدى اهتمام سموها بمختلف جوانب حياة المرأة البحرينية، ومن ذلك الجوانب الصحية.

وأشار فخرو إلى أن أهمية الكشف المبكر تنبع من أن سرطانات الثدي هي من أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في مملكة البحرين، وأكد أن على النساء اللواتي تجاوزت أعمارهن الـ35 عاماً أن يقمن بعمل الفحص الذاتي للكشف عن وجود أي اختلاف في تركيبة الثدي وأن يقمن على الفور بمراجعة الأطباء المختصين في علم أمراض الثدي؛ لأنها الوسيلة الوحيدة التي ينصح بها، ولا ننسى هنا أن الكشف المبكر يحتاج بالإضافة إلى التشخيص السريري إلى إجراء فحص الثدي بواسطة الأشعة الصوتية ومعها الأشعة السينية، كما تؤكد جمعية البحرين لمكافحة السرطان أن أفضل الطرق للتشخيص هي التي كما وردت سابقاً، وأنه يجب بالإضافة إلى ذلك أن تعرف المرأة التي لديها تاريخ سرطان الثدي في العائلة أن تبادر بعمل الأشعة الصوتية والسينية في وقت مبكر؛ لأن بعض السرطانات لا يسبب كتلاً في الثدي، فهي بالتالي غير محسوسة في أثناء عملية الفحص الذاتي أو السريري، وإنما تكتشف بالأشعة وأن هذه الفئة هي الأكثر شفاء لأن التشخيص بدأ مبكراً.

ولفت فخرو إلى أن زيادة عدد الحالات المصابة بسرطان الثدي يعود إلى الوعي بحدوث هذا المرض بغض النظر عن وجود إصابات في العائلة، وأن على النساء معرفة حقيقة واحدة، هي أنه كلما اكتشف المرض في مراحله المبكرة زادت نسبة الشفاء. كما تقوم الجمعية بتوعية النساء بأن العلاج ليس استئصال الثدي كاملاً كما يظن البعض وإنما هو استئصال الورم والغدد اللمفاوية في الإبط إذا استدعت الحاجة، كما نود الإشارة إلى حدوث تقدم هائل في طرق الكشف عن السرطان وعلاجه.

ومن ناحية أسباب الاصابة بسرطان الثدي فإن السبب الرئيس لحدوث الاصابة مازال مبهماً كما هو الحال في باقي أنواع السرطانات، إلا أن هناك عوامل لها دور في حدوث السرطانات لا يمكن تجنبها كعوامل الخلل في الجينات على سبيل المثال، وهناك عوامل يمكن تجنبها وذلك بتقديم النصائح بعدم استعمال هرمونات الأنوثة الإستروجين (Estrogen) من قبل النساء اللواتي انقطع عنهن الطمث، كما لوحظ أن النساء اللواتي يتزوجن مبكراً وينجبن أطفالاً في سن مبكرة هن أقل عرضة للإصابة، والسبب كما يقال هو عدم تعرضهن لهرمون الإستروجين مدة طويلة في تاريخ عمرهن.

وكما هو معروف أن لهذا الهرمون دوراً في حدوث السرطان، وبالتالي فإن الحمل والرضاعة الطبيعية يقيان الثدي من كثرة تعرضه لهذا الهرمون، كما أن النساء اللواتي يبدأ الطمث عندهن في سن مبكرة هن أكثر عرضة من غيرهن للإصابة، وهذه أمثلة بسيطة للعديد من الأسباب، كما أن هناك العديد من النصائح التي تقدم إلى المرأة قد تساعد في تجنب حدوث السرطان، مثل ممارسة الرياضة وتجنب المأكولات التي تسهم في زيادة الوزن، حيث إن السمنة لها دور في حدوث سرطانات الثدي.

كشف مبكر على مدار العام

من جانبها أكدت رئيسة جمعية الأطباء د. غادة القاسم أهمية جهود المجلس الأعلى للمرأة من أجل نشر الوعي بمرض سرطان الثدي، وخاصة أن المجلس لديه القدرة الكافية للوصول إلى النساء بمختلف شرائحهن، وقالت: "لاحظنا أن جائحة كوفيد-19 لم تثن المجلس الأعلى للمرأة عن جهوده في نشر الوعي بهذه المرض، وذلك من خلال رسائل التوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمجلس وغيرها".

وقالت القاسم: إنه رغم أن العالم خصص شهر أكتوبر مناسبة للحديث والتوعية بسرطان الثدي، فإن النساء يجب ألا يربطن الكشف المبكر بهذه الفترة فقط من كل عام، بل عليهن إجراء فحوصات دورية بحسب ما تشير إليه الدراسات الحديثة، وينصح به الأطباء المتخصصون بالسرطان، وخصوصا أن نسبة الشفاء ترتفع إلى 95% في حال اكتشاف المرض في مراحله الأولى.

وعلى صعيد ذي صلة أكدت أن الكادر الطبي في المملكة ينهض بمسؤوليته الاجتماعية من خلال كثير من الجوانب، أحدها توعية المرأة بطرق الحفاظ على صحتها وضرورة إجراء الكشوفات الصحية الدورية اللازمة، بما في ذلك الكشف المبكر عن مرض سرطان الثدي.

خدمات صحية مجانية

إلى ذلك أكدت استشارية الصحة العامة بوزارة الصحة ورئيسة جمعية أصدقاء الصحة د. كوثر العيد أن وزارة الصحة توفر كل ما يلزم من خدمات صحية وعلاجية للمرأة ، بما في ذلك الخدمات الصحية المتقدمة، كما تقوم الوزارة بحملات إعلامية مختلفة لنشر الوعي الصحي ودعوة جميع النساء لإجراء الكشف المبكر عن سرطان الثدي.

وقالت العيد: "نرى أن المرأة البحرينية متابعة جيدة لأحدث المعطيات الصحية والطبية من مصادرها الموثوقة، ومهتمة كثيراً بتحسين صحتها ونوعية غذائها وممارسة التمارين الرياضية، وتستثمر كثيراً في الحفاظ على حيويتها، وهذا يدل على أن المرأة في مملكة البحرين تهتم بصحتها، وتضع نصب عينيها الوقاية قبل العلاج، لذلك تبادر إلى الكشف المبكر عن سرطان الثدي في إطار حرصها على صحتها وسلامتها".

وأضافت: "نريد من النساء أنفسهن أن يشجعن أمهاتهن وأخواتهن وزميلاتهن في العمل والمجتمع على إجراء هذا الكشف بشجاعة دون خجل، ونقل المعلومة الصحيحة لهن من مصادرها الموثوقة حول أهميته في حياة المرأة بشكل عام".

المرأة تقود حملات الوعي الصحي

إلى ذلك أكدت الأستاذة السابقة في كلية العلوم الصحية في قسم التمريض بجامعة البحرين منى العسكري، أهمية مبادرة المرأة إلى إجراء الفحص الذاتي للثدي، وفي حال ملاحظتها وجود أي تغيرات غير طبيعية يجب أن تتوجه إلى الطبيب الذي يجري "الفحص الإكلينيكي" قبل أن يطلب صورة أشعة سينية "ميموغرام" والتي تظهر الحاجة إلى أخذ خزعة من عدمها.

وقالت العسكري: "إن وعي المرأة البحرينية الصحي ظهر جلياً خلال جائحة كوفيد-19، ليس من خلال الدور البارز والشجاع الذي تنهض به في الصفوف الأمامية للتصدي لهذه الجائحة فقط، وإنما أيضاً من خلال دورها كربة أسرة والتزامها بالإجراءات الاحترازية للوقاية من العدوى بالفيروس والتأكد من تطبيق جميع أفراد الأسرة لتلك الإجراءات، ونشر الوعي بالفيروس في محيطها العائلي ككل".

وتابعت: "نحن مطمئنون إلى وعي المرأة البحرينية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وخاصة أن الغالبية العظمى من حملات الوعي الصحي في البحرين تقوم بها نساء، سواء تلك المتعلقة بالسمنة أو تجنب الأمراض المزمنة كالسكري والضغط والكوليسترول، أو ممارسة حياة صحية بشكل عام، إضافة إلى ذلك يجب ألا ننسى أن حضور المرأة البحرينية الطاغي في القطاع الصحي يجعلها مصدراً لنشر الوعي الصحي والمعلومة الصحية الموثوقة بين مختلف شرائح النساء، حيث تشكل الطبيبات 65% من إجمالي عدد الأطباء في مملكة البحرين، و90% من الممرضين، إضافة إلى حضورها البارز على مستوى الإدارات العليا والمتوسطة في كثير من منشآت القطاع الصحي".