كانت الساعة 11 صباحاً عندما بدأت وسائل التواصل تتداول خبر وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وكنت حينها في اجتماع ولأن الاجتماع كان على وشك الانتهاء اختلست نظرة لهاتفي الجوال، فإذا بالخبر المحزن يتصدر شاشة الهاتف! قاطعت المتحدثين وصرخت «عظم الله أجركم، خليفة بن سلمان توفى» فسكت الجميع وتسمروا في أماكنهم وظهرت علامات الصدمة والحزن عليهم.

رحيل الأمير خليفة رحمه الله، الرجل الشجاع المحنك والقائد الذي بنى البحرين الحديثة وأسس وأدار باقتدار إداراتها التنفيذية والذي كان يملأ المكان - أي مكان - بكاريزما وحضور لا مثيل لهما سيترك فراغاً كبيراً بلا شك، فالبحرين وهو، ومنذ أكثر من 50 عاماً، قصة واحدة لا تفترقان.

ويكفي أنه وبفضل رؤيته الثاقبة، جعل من البحرين مركزاً مالياً إقليمياً من الطراز الأول بعد أن رسم السياسات الناجحة لجذب بنوك الأوفشور والبنوك التجارية العالمية. وهو من سعى منذ السبعينات إلى تنويع مصادر الدخل الوطني فتبنى المشاريع الصناعية وفرش لها أرضية صلبة ازدهرت من خلالها، فهو الأب الروحي لـ «ألبا» أكبر مصهر المنيوم في العالم ومصنع الخليج للبتروكيماويات وغيرها الكثير. وهو وراء التوسع العمراني الكبير وشبكة الشوارع والجسور التي نفخر بها وكان الداعم الأكبر للاستثمار في البنية التحتية سواء كانت كهرباء أو ماء أو اتصالات.

الأمير خليفة بن سلمان، طيب الله ثراه، وكما يعرف الجميع كان يهمه لقاء الناس والحديث معهم والسؤال عنهم. فمجلسه كان يعج بالناس من كل الطبقات وكان مقصداً لأهل البحرين والخليج وزوار البلد من دبلوماسيين ورجال أعمال وصحفيين وغيرهم. كان يتحدث مع الجميع ويتعامل مع الجميع بصدر رحب حتى من بالغ في انتقاد سياسات الحكومة.

واذكر في إحدى زياراتي لمجلسه في قصر القضيبية، أسرنا جميعاً، بحديثه الرائع المشوق عن البحرين وأهل البحرين ومكانتهما في قلبه مستذكراً قصصاً عن أبيه حاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة طيب الله ثراه تبين حبه لجميع أفراد شعبه ومؤكداً سيره على نفس نهج والده. وبالفعل، استمر رحمه الله على ما تربى عليه في بيت الحكم فكان قريباً ومحباً للجميع.

رسمياً انتهى الحداد في البحرين على وفاة الأمير القائد خليفة بن سلمان، لكن حالة الحزن وألم الفراق لن ينتهيا سريعاً، فالراحل قامة كبيرة ومؤثرة تركت بصمة في تاريخ البلاد من الصعب نسيانها.