بالونات اختبارية تطلق بين فترة وأخرى من عدة جهات لمعرفة ردة فعل المجتمع حيال مصيبة قادمة، طبعاً هذه الاختبارات لا تقل عن كونها مصيبة تنزل على فئات عديدة في المجتمع ابتداءً من المتقاعدين وصولاً إلى من هم مقبلون على حياة العمل والكدح.

ولعل مصائب أقصد أخبار الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من أكثرها تسبباً لعدة أمراض نفسية وصحية وربما تتفوق على كورونا، فكل أسبوع هناك هزة وبينهم ارتدادات ونحن في انتظار متى يأتي ذلك الزلزال الذي يتحدث عنه الخبير الاكتواري.

سنوات وسنوات وأهل البحرين يسمعون بأن هناك «عجز، خلل، مشكلة، قصور، وإلخ»، في التأمينات وفي توصيات الخبير الاكتواري، والذي أوصى بعدة إصلاحات من أهمها رفع سن التقاعد وخفض المعاش. الخبير أوصى بكل ما هو ممكن لإنقاذ صناديق الهيئة المهددة بالإفلاس إلا إصلاح مكامن الخلل فيها.

حتى يومنا هذا لا يعرف الخبير أو الفقير في البلد لماذا التأمينات تعاني، رغم أنها من أكبر الصناديق الرأسمالية بأرقام مليارية لعقود من الزمن، هل هو خلل في الاستثمار؟ هل هو سوء التخطيط؟ أم الخلل في من يدير هذه الأموال ورغم أخطائه وفشله ويستمر؟ لا ندري أين الخلل، وكم نتمنى أن يظهر خبير غير الخبير المعهود ويقول لنا أين الخلل.

في إحدى المناطق الباهظة في المنامة يوجد هناك عامل آسيوي اسمه «جوهير» يعمل في تنظيف السيارات المتوقفة في المنطقة منذ سنوات، سألني ذات مرة بينما هو ينظف سيارتي، «لمن هذه الأرض الكبيرة الخالية؟»، وجوابي كان لا أعلم والأكيد أنها ملك لأحد الهوامير، فقال «لو كنت أستطيع التصرف في هذه الأرض لجعلتها مواقف». الصدمة أن جوهري منظف السيارات يستطيع بأقل جهد التفكير في كيفية استثمار أرض فضاء متروكة منذ سنوات، وفي المقابل خبراء وعقول في الهيئات لا تعلم كيف تستثمر أموال الشعب.

أراضٍ بالعشرات تملكها التأمينات منذ سنوات لم تستثمر ولم يتم استغلالها بالشكل الصحيح، ما الطائل من تكديس أراضٍ بأموال الناس دون التكسب أو الانتفاع، أم أنها مجرد فكرة مزاج؟!

مطلب أصحاب المال «الشعب» من التأمينات وغير التأمينات في البلد ممن يعانون من سوء إدارة وربما فساد، أن أولى خطوات التصحيح هي التخلص من المجموعة الفاشلة ومحاسبتها، ومن ثم البحث عن عقول وأفكار أكثر نفعاً لأموال الشعب، ويمكنكم الاستعانة بجوهير إذا لم تجدوا أحداً!