العين الأخبارية

لم يستغرق حزب الله وقتا طويلا للرد على طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي بعقد مؤتمر دولي حول لبنان؛ إذ بدأ بشن حملة تخوين ضد الرجل.

وحاولت مليشيا حزب الله التملص من الالتفاف اللبناني اللافت والداعم لـ"الراعي" من عدة أطراف سياسية، حيث أعلنت رفضها للطرح من الأساس.

وبحسب مراقبين لبنانيين فإن وقوف حزب الله في وجه مبادرة الراعي يرجع إلى خوفه من أن هذا المؤتمر إذا عقد سيؤدي إلى مزيد من الضغط عليه والدفع باتجاه تطبيق القرارات الدولية السابقة المرتبطة بسلاحه الذي لم يطبقها حتى الآن.

ويرى مراقبون أن فقدان المليشيا الموالية لإيران سلاحها يعني ضياع ورقة لبنان من طهران، ما يجعل موقف الحزب مناهض لدعوة الراعي إذ يكمن الشيطان الإيراني في التفاصيل، بحسب المتابعين.



حالة شعبية

الكاتبة والمحللة السياسية سناء الجاك، قالت لـ"العين الإخبارية" إن حزب الله يرى في طرح البطريرك الراعي سواء الحياد أو المطالبة بمؤتمر دولي لانقاذ لبنان تهديدا قد يؤدي إلى تقويض إمساكه بمفاصل الدولة.

وتكمن مخاوف حزب الله في أن أي محاولة لوقف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان عبر خارطة طريق دولية سيصعب من استخدام المليشيا ومن خلفها إيران الورقة اللبنانية على طاولة المفاوضات المرتقبة مع واشنطن، وفقا للمحللة السياسية.

ولا يخفي حزب الله إنزعاجه من تحرك الراعي، الذي ارتبط بحالة شعبية تصب في منحى الحراك الذي بدأ في 17 أكتوبر/تشرين الأول والذي لم يوفر الحزب وبتواطؤ من المنظومة الحاكمة في لبنان جهداً لإجهاضه.

حراك رغم أنه لن يؤدي إلى التغيير المطلوب إلا أنه يمثل تراكما لنشاط لا بد وسينفجر في وقت ما مع كل ما يحدث على الساحة اللبنانية، سواء من انهيار اقتصادي مستمر أوتبعات سجريمة تفجير مرفأ بيروت، بحسب "الجاك".

من هنا وبناء على ما سبق، اعتبرت المحللة السياسية اللبنانية أن حزب الله "يخاف ليس من طرح البطريرك الراعي الحياد أو المؤتمر الدولي فقط، ولكن مما ورد في كلمته أمام الحشود بكركي ورد فعل الرافضين لهذه الوصاية".

وتتزايد مخاوف حزب الله من تحول كلمات المراوني إلى كرة ثلج تطيح بشعبية الغطاء المسيحي للحزب المتمثل بالتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية المحسوب عليه، والتي ما إن تطورت فيمكن أن تضعف قبضة المليشيا، خاصة في حال إجراء انتخابات نيابية في موعدها عام 2022 قد تسفر عن أكثرية نيابية في مواجهته.

وأنهت الجاك تحليلها للمشهد بالتأكيد على أنه منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عام 2005 صادر حزب الله السيادة والقرار في لبنان، وبعد "تدجين الطبقة السياسية" فإنه لن يسمح للبطريرك الماروني بالتحول إلى رافعة للحراك الشعبي، أو بتحرير الورقة اللبنانية من الوصاية الإيرانية إذا ما تدخل المجتمع الدولي في أزمات هذا البلد المستعصية.



تثبيت اتفاق الطائف

المحلل السياسي محمد نمر اعتبر أن الحياد الذي يطرحه الراعي لا يختلف عن "النأي بالنفس" الذي سبق للبنانيين أن توافقوا عليه في حكومة نجيب ميقاتي السابقة التي كانت محسوبة على حزب الله لكنه أطاح بها بإصراره على المشاركة في الحرب في سوريا وبتدخلاته بالدول العربية.

وبكلماته هذه، جدد الراعي الدعوة إلى الحياد عبر مبادرة من بكركي لتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وصولا إلى المطالبة بعقد مؤتمر دولي، وفقاً لـ"نمر".

وتابع: "مبادرة بكركي مفيدة وجيدة خصوصا أنها تلامس الواقع اللبناني الذي بات يعيش عزلة وحصارا جراء تدخلات حزب الله في المنطقة تلبية للأجندة الإيرانية، وما تسببه ذلك من انهيار اقتصادي وسقوط لكل قطاعات الدولة وطبعا فساد الطبقة السياسية كان عاملا مشاركا في ما وصلنا إليه".

ورأى في مبادرة الراعي "محاولة جذب انتباه المجتمع الدولي للبنان؛ حيث تقوم على تثبيت قواعد اتفاق الطائف، مع دعوة لمؤتمر تحت سقف القرارات الدولية 1701 و1559 والتي تنص على سيطرة الدولة على كامل أراضيها ونزح سلاح الميليشيات".

وهذه القرارات الدولية لا تدعو مطلقا لجذب جيوش إلى لبنان، فالحل الأول وبداية أي حل في هذا البلد يقوم بسرعة تشكيل حكومة، بحسب ما أكده المحلل السياسي محمد نمر.

ومع دخول حزب الله عدة لوائح للإرهاب فإن أي مؤتمر دولي حول لبنان لن يكون في صالحه، ولذلك يرى نمر أن الأيديولجية الإيرانية تقوم على أن العالم مقتصر على ولاية الفقيه وأن أي دولة ليست ضمن المحور الممانع فهي عدو.

ولا يخفى استفادة مليشيا حزب الله من الفوضى، وهذا يعني – وفقا لـ"نمر" – أنها لن تترك فرصة إلا وستسعى من خلالها لإبقاء لبنان ضمن دائرة النفوذ الإيراني ولو كلف ذلك فقر اللبنانيين وتجويعهم وانهيار البلاد كما هو حاصل الآن.

وكان الراعي قد طرح مبادرة الحياد وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة قبل أشهر ليعود ويمنحها دفعا جديدا قبل أيام بعد فشل محاولاته تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للتوافق على تشكيل حكومة بعد 4 أشهر على تكليف الأخير.