منذ استقرار الدول النفطية الغنية بعد إنشاء منظمة أوبك ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، تجاوزت دول الخليج تصنيفها بأنها دول العالم الثالث وانضمت إلى الدول المتقدمة بسبب استثماراتها في مجال تنمية الأفراد، بالإضافة إلى ضخ جزء كبير من إيرادات النفط في البنى التحتية وتنمية الفرد.

بعد أكثر من 50 سنة على الاستقلال وعلى الاتحاد، ومن الطبيعي أن تصبح دول الخليج العربي جزءاً من العولمة التجارية التي تتأثر مباشرة بمتغيرات الأسواق العالمية والأوضاع الاقتصادية وتغير المناخ السياسي، بدءاً من حرب الخليج الأولى والثانية ومن ثم الأزمة الاقتصادية في بورصة «وول ستريت»، وأخيراً تداعيات الربيع العربي إلى أزمة انتشار جائحة كورونا (كوفيد19) وسلالاته المتحورة.

وبطبيعة الحال فإن تأثير الأوضاع العامة السالف ذكرها قد تتغير تأثيراتها على الدول بناءً على ثرائها وتأثرها بالدول المجاورة كما هو الحال مع دول الخليج العربي بالذات، إذا ما تمت مقارنتها بالدول العربية المجاورة بسبب عاملين مهمين هما ثراؤها بسبب ارتباط النفط بأهم الدول صانعة القرار الاقتصادي والسياسي والعامل الآخر وهو الأهم تطور واستقرار المناخ السياسي والاقتصادي ما يعزز أهلية هذه الدول للانفتاح على الغرب والشرق معاً.

الجزء الأهم من المقالة أن الأنشطة التجارية على مر الأزمات السابقة تمت تصفيتها قديماً بشكل نهائي أو أقيمت على أنقاضها مؤسسات تجارية جديدة تناسب الشكل الجديد من حيث التطور الاقتصادي، وهي حالة صحية جداً وطبيعية نظراً إلى طراوة الأسواق التجارية والمؤسسات القائمة آنذاك، إلا أن العالم الاقتصادي القائم حالياً لا يمكنه التشكل بهذه السرعة والكيفية حالياً، وخصوصا مرحلة التقدم الاقتصادي التي وصلنا إليها مؤخراً، وعلى الرغم من بدء انهيار الشركات العائلية القديمة انهياراً نهائياً، فإن تصفية هذه الشركات بشكل إبادة نهائية لن يتم بسبب ثقلها الاقتصادي في البلاد حتى لو شاء الملاك ذلك.

ومن الواضح أن سياسة البحرين ودول الخليج العربي أيضاً بمحاولة دمج الكيانات أو تشجيع الاستحواذات التجارية التي قد تقوم على مصالحها كما هو في البحرين، إما من خلال مصرف البحرين المركزي كما هو معمول به في القطاع المالي، وإما لجنة المشاريع المتعثرة كما معمول في القطاع العقاري مثل استحواذ مجموعة غرناطة العقارية على مشروع «غولدن غيت» الأسبوع الماضي، وإما حتى مجلس التنمية الاقتصادية بمعية نشاط واجتهاد سعادة الوزير النشط، وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني في كثير من الأنشطة التجارية.

وستمكننا العشرون عاماً الماضية في ظل المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى من الصمود الاقتصادي والتطور بثبات إن بلغنا رؤية 2030 أو حتى لم نبلغ، وحتى لو طال أمد كورونا لا سمح الله، فإن حصيلة مشروع الميثاق جلبت لنا استحقاقات أكثر مما توقعناه.

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية