محرر الشؤون المحلية


بسطت الدولة الخليفية سيادتها على شبه جزيرة قطر وجزر البحرين في مختلف عهود حكام البلاد، وتعد السلطة القضائية إحدى مظاهر السيادة، حيث قامت الدولة بتأسيس نظام قضائي في الزبارة بهدف توفير العدالة في فض وحسم المنازعات المختلفة، وتسجيل الوقفيات، وكان للقضاء الشرعي وعلماء الشرع الشريف دور في تنظيم الأوقاف وتسجيل الملكيات العقارية.

وكان من أشهر من تولى منصة القضاء في عهد التأسيس الخليفي للدولة، الشيخ عثمان بن عبدالله بن جمعة بن عبد ربه بن جامع الأنصاري الخزرجي. ووفقاً لوقفية لبيت في الأحساء على أحد علماء الزبارة، قال في آخرها: «كاتبه الأقل عثمان بن عبدالله بن جامع الحنبلي القاضي في محروسة الزبارة عفا الله عنه وعن جميع المسلمين حرر ذلك 16 شعبان 1201هـ».

وقد انتقل القاضي عثمان الجامع إلى جزر البحرين في عهد الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح.


وعرض فيلم الوطن الوثائقي «القضاء والأوقاف والتسجيل العقاري في الدولة الخليفية» في جزئه الأول وثيقة حررها الشيخ عثمان بن جامع في 27 ربيع الأول عام 1236هـ الموافق الأول من يناير عام 1821م،و اختتمت بعبارة « قاضي محروسة البحرين» وقد وضع الشيخ عثمان بن جامع ختمه عليها.

أوقاف الزبارة

أما عن الأوقاف التي وقفت في الزبارة، فقد منح حاكم البلاد الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة والذي تولى الحكم عام 1772م، صلاحية اعتماد الوقفيات للعلماء الأعلام في الزبارة، ومن بينهم العلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد الزواوي.

وأظهر فيلم الوطن الوثائقي وثيقة وقفية حررت في 16 يوليو 1781م هي عبارة عن كتب علمية أوقفها الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة على الفقيه الشيخ أحمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عبداللطيف الشافعي أحد علماء الزبارة، وقد حرر الوقفية العلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد الزواوي المالكي.

حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر وجزر البحرين

ويؤكد الباحث القطري محمد شريف الشيباني، في كتابه «قطر إمارة عربية»، بأن الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة (الفاتح) عندما فتح البحرين كان حكمه يشمل شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، وقد هاجر إلى البحرين بعد الفتح جميع قبائل الزبارة، فيما قرر عدد من قبائل قطر مثل المعاضيد والبوكوارة العودة إلى قطر. وقال الشيباني في كتابه: «إن آل خليفة جعلوا للقبائل القطرية مقررات سنوية، وكل رئيس قبيلة مسؤول عن قبيلته وأمر الجميع يرجع إلى حاكم البحرين».

وبهذه الشهادة الموثقة من الباحث القطري محمد شريف الشيباني، في كتابه «قطر إمارة عربية» فإن حاكم البلاد هو المرجع الأعلى للسلطة القضائية في شبه جزيرة قطر.

اتفاقية السلم العامة

ومع توقيع اتفاقية السلم العامة عام 1820م، مع بريطانيا تبعتها عمليات مسوحات بحرية وجغرافية لمعرفة حدود السيادة الخليفية على جزر البحرين وتوابعها في شبه جزيرة قطر وأكدت هذه المسوحات أن البدع «الدوحة حالياً» تابعة من توابع جزر البحرين، كما أرخ لها جون غوردون لوريمر في كتابه الموسوعي دليل الخليج القسم التاريخي.

ويقول جون غوردون لوريمر: «دخلت قطر باعتبارها من توابع البحرين دائرة الهدنة البحرية التي عقدت عام 1835 ميلادية». وهو ما يؤكد الاعتراف البريطاني بالسيادة القضائية لحكام الدولة الخليفية على كامل شبه جزيرة قطر.

ويوضح جون غوردون لوريمر بأن من معالم السيادة الخليفية على شبه جزيرة قطر في منتصف القرن الثامن عشر أن شيخ البحرين كان لديه ممثل سياسي من أفراد أسرته وقد جعل مقر إقامته في البدع ( الدوحة حاليا)».

إمارة البدع

ويقول الشيخ محمد التاجر في كتابه «عقد الآل في تاريخ أوال» عن تعيين الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ممثلا سياسيا له في البدع (الدوحة): «وجعل ابن عمه الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أميراً على قطر وجعل مقر إمارته البدع».

علماً أن مصطلح الأمير مقترن بمصطلح ممثل سياسي أو أمني وقتئذ.

ويتطرق محمد التاجر في كتابه إلى جانب من أدوار الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، موضحاً بأن للشيخ أحمد بن محمد آل خليفة دوراً في القبض على المعتقلين في القضايا الأمنية وإرسالهم إلى جزر البحرين، ومنهم من تم حبسه فيها. وهو ما يؤكد بأن القضايا الأمنية التي تقع في شبه جزيرة قطر كانت تعقد محاكماتها في جزر البحرين.