«تخليد الذكرى» ممارسة تنتج عن ثقافة تترسخ في المجتمعات القائمة على «الأخلاقيات» و«تطبيق المثاليات» بشأن الممارسات البشرية «السوية» التي تعكس مفاهيم راقية مثل «التقدير» و«الامتنان» و«استذكار المناقب والأعمال الطيبة».

لذلك نحن في البحرين ذاكرة المخلصين من أبناء هذا الوطن «قوية»، وأخلاقياتهم التي تأصلت بفضل الموروثات والعادات وما يدعو له ديننا، هذه الأخلاقيات تجعل كثيراً من الذكريات لا تنسى، وتجعل كثيراً من المواقف وأصحابها يعيشون معنا للأبد.

وعليه فإنك لن تستغرب أبداً حينما يتذكر البحرينيون دائماً في شهر مارس ذكرى رحيل والدهم الغالي العزيز صاحب العظمة الأمير عيسى بن سلمان رحمه الله، وكذلك لن تستغرب استذكارهم بشكل دائم والدهم الغالي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رحمه الله، ويسترجعون مناقبهم وذكرهم الطيب.

بل البحرين كبلد ممارساتها قائمة على «تخليد الذكرى الطيبة»، وتعمل منذ عقود على ترسيخ الذاكرة لدى الأجيال المتعاقبة بشأن أصحاب الأفضال والمنجزات في تاريخ هذا الوطن، ابتداءً بما قبل الترسيخ الذهني لتأسيس الدولة البحرينية العريقة من خلال «قلعة الفاتح أحمد الفاتح» التي تقف شامخة، وصولاً إلى تسمية المناطق والشوارع الرئيسية والمرافق المهمة بأسماء رموز لهم بصماتهم ولهم عملهم الذي خدم هذا الوطن وبناه وحقق له التقدم والتنمية.

في بداية رمضان المبارك كتبت هنا أنه للمرة الأولى في حياتي يمر علي رمضان بدون أن يكون بين ظهرانينا والدنا الأمير خليفة بن سلمان، وهو حال كثير من البحرينيين فتحوا عيونهم على هذا الرمز الخالد في القلوب، وعليه واجب الأبناء دائما ًاستذكار الآباء، فمثلما نستذكر طيب القلب بشوش الوجه والدنا الأمير عيسى بن سلمان، وخليفة بن سلمان نستذكره في كل شيء، ويذكرنا به كل شيء، من مرافق سميت باسمه، وشوارع رئيسية، ومتنزهات وعديد من الأمور التي تجعلك لا تنسى إطلاقاً هذا القائد الخالد.

وبالأمس نقرأ خبراً عن اجتماع مؤسسة «المبرة الخليفية» وتصريح سمو الشيخة زين بنت خالد آل خليفة رئيس مجلس الأمناء عن تدشين منح دراسية باسم الأمير خليفة بن سلمان، وهذا بالضبط ما أتحدث عنه بشأن «تخليد الذكرى»، وهنا تخليد للذكرى من نوع آخر، تشكر عليه «المبرة الخليفية» لأنها تربط اسم الأمير الراحل الغالي بأكثر أمر كان سموه يحرص عليه، ويحرص على غرسه وزراعته في أبناء شعبه، حينما كان يشدد على عملية التعليم والتطوير من أجل خدمة البحرين وأهلها، كان يؤكد أن الاهتمام بتعليم الأجيال هو استثمار الوطن في أبنائه للمستقبل، هو من يصنع الجيوش التي تدافع بعملها عن أوطانها.

اليوم حينما ترتبط هذه المنح باسم الأمير خليفة بن سلمان رحمه الله سترون كيف يرتبط تخليد ذكراه لدى المستفيدين منها، كيف سيكون خليفة بن سلمان بمناقبه وتاريخه العريق جزءاً من مسيرتهم العلمية والعملية.

قد لا يستوعب البعض ما أعنيه في هذه السطور، لأن ثقافة تخليد ذكرى الكبار والعظماء لا يدركها إلا من اقترب من إنجازاتهم، ومن رأى بعينيه كيف يعملون، وأحس بانعكاس أثر إنجازاتهم على وطنه وحياته هو وعلى محيطه.