«الاختيار2» مسلسل يحكي قصة ملحمة رجال الأمن المصريين في التصدي لتنظيم الإخوان المسلمين ومشروعهم التدميري، يوثق للأجيال ما حدث كي يقيموا ما لديهم من نعم حق التقييم ويعرفوا ما معنى الوطن وما يستحق.

كما هو مسلسل «الاختيار» العام الماضي وثق دور القوات المسلحة، هذه السنة يوثق دور القوات الأمنية، فلا تضيع ذكرى وحق الدماء التي سالت من أجل عزة مصر ونصرها هباء منثوراً بل اختارت مصر أن تعطي لتلك الدماء والأرواح حقها الآن وتحفظه في عقول وقلوب شباب الأجيال الحالية والقادمة، فالتوثيق من خلال الدراما يحفظ التاريخ في «الذاكرة الشعبية» وليس في ثنايا أضابير الأرشيف فحسب.

كما هو مقال الأمس يتحدث عن دور الإعلام في الترويج لمنجزات الدولة والرد على خصومها وأعدائها وأثر هذا الدور الكبير الذي يختصر لك جهوداً تضيع هباء حين توظف توظيفاً خاطئاً، كذلك دور الدراما أيضاً يختصر لك مسافات ضوئية ويجعل الرسالة تدخل العقل والقلب وتحتفظ بها الذاكرة وتنقلها جيلاً بعد جيل.

من يتابع المسلسل «الاختيار2» يرى كم وحجم التطابق بين ما حدث في البحرين عام 2011 في دوار «مجلس التعاون» سابقاً و«الفاروق» حالياً، ليتأكد بأن القيادة واحدة وصاحب المشروع واحد، ومعهد التدريب واحد، هو ذاته توزيع الخيام هو ذاته دور الكوادر الطبية والإعلامية ودور الفنيين والإلكترونيين والكوادر التنظيمية، تطابق يؤكد أن لا شيء كان عبثاً ولا هو محض الصدفة ولا هو تقليد أعمى، بل قيادة واحدة توجه الحراك.

المسلسل يحكي عن تضحيات رجال الأمن وما قدموه من أجل مصر، كي يقدر الجيل الحالي أن ما ينعم به من أمن وراحة قدمت من أجله أرواح ودفع ثمنه رجال عاهدوا الله ومليكهم أن يحفظوا أمن هذه الأرض من كيد الكائدين.

من جديد نؤكد بأن «التوثيق» له أهداف سامية نبيلة هو جمع الصف ووحدته ونبذ العنف ونبذ الأفكار والسلوكيات التي تغرر بالشباب وتجعل الأخطاء تتكرر وتعيد تكرار السيناريوهات المرة تلو المرة.

الدراما الهوليودية حكت قصص تضحيات رجال الأمن وتضحيات رجال القوات المسلحة من أجل أمن الولايات المتحدة الأمريكية، وثقت لذلك في الذاكرة الشعبية، لم يقل أحد (ما له داعي) ذكر تلك البطولات الحقيقية، دعونا ننسى.

كذلك فعلت كل الدول إن كانت روسيا أو الصين أو الهند أو تركيا أو حتى إيران، كلهم وثقوا بطولات الرجال الذين ضحوا من أجل مستقبل أوطانهم، نحن فقط الذين لدينا حساسية من الذاكرة الشعبية وتوثيقها عن طريق روايتنا للأحداث، في حين تخلو ساحة التوثيق في الذاكرة الشعبية لمن ارتكب جريمة في حق وطنه ليرويها كما يراها وكما يريد أن ينقلها للأجيال القادمة.

الأمر ليس تنافساً والأمر ليس تأزيم الأمر حق لا يجب أن يضيع، لا تكفي تصريحات تؤكد أننا نقدر التضحيات التي قدمت، بل يجب أن تكرم تلك التضحيات بروايتها كما شهدناها، بمنحها حقها الأدبي بحفظها بصورتها الحقيقية الجميلة في ذاكرة أبنائنا.

قصة حتى لا يزعل فلان، أو حتى ننسى، أو عدم إثارة تلك الجهة أو أو من أعذار لا تخدم حتى تلك الجهات التي نراعيها، والأهم أنها لا تكرم تلك التضحيات كما تستحق.

ملاحظة:

قناة الجزيرة تنشر تغريدات الأخوان ضد المسلسل وما يقولونه إن تزويراً لما حدث في رابعة، وذلك طبيعي، فخلال السنوات العشر الأخيرة انفرد الإخوان في الساحة الإعلامية ووثقوا روايتهم، فهكذا هي ساحة الذاكرة الشعبية تمتلئ برواية من يعبئها لا بمن يتردد في دخولها.