وكالات


تصاعد التوتر بين باريس ولندن بشأن حقوق الصيد البحري، على خلفية نشر فرنسا سفينتَي دورية، قبالة جزيرة جيرسي البريطانية، مشددة على أن "مناورات" المملكة المتحدة "لن ترهبها".

جاءت الخطوة الفرنسية بعد إرسال لندن سفينتين حربيتين إلى الجزيرة، إثر تجمّع عشرات من زوارق الصيد الفرنسية، احتجاجاً على شروط جديدة للصيد فرضتها عليها بريطانيا، وسط خلاف الجارتين بشأن حقوق الصيد، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن جزيرة جيرسي التي تبعد 22 كيلومتراً عن ساحل شمال فرنسا، وتضع قوانينها الخاصة وتجمع ضرائبها الخاصة، تابعة للتاج البريطاني وتتمتع بحكم ذاتي، بينما تعتمد على لندن في قطاع الدفاع.


أما وكالة "أسوشيتد برس" فذكرت أن جيرسي، وجزراً أخرى في القنال، هي أقرب إلى فرنسا منها إلى بريطانيا، مشيرة إلى أنها تتلقى من فرنسا، غالبية احتياجاتها من الكهرباء، عبر كابلات بحرية، لافتة إلى أن بريطانيا مسؤولة عن العلاقات الخارجية للجزيرة، رغم أنها ليست جزءاً من المملكة المتحدة. وتابعت أن جزر القنال هي مناطق تابعة للمملكة المتحدة، تتمتع بحكم ذاتي ولديها إداراتها ومجالسها التشريعية المنتخبة.

تراخيص جديدة

وأشارت الوكالة إلى احتكاكات كثيرة سابقاً بين صيادين فرنسين وبريطانيين، مضيفة أن الخلاف الأخير، وهو الأول منذ "بريكست"، حدث بعدما طبّقت جيرسي متطلّبات جديدة، تلزم الصيادين بتقديم نشاطاتهم السابقة في الصيد، من أجل نيل ترخيص لمواصلة العمل في مياه الجزيرة.

هذا الإجراء أغضب باريس، التي اعتبرت أنه يفرض قيوداً غير عادلة وبلا أساس، لوصول سفن الصيد الفرنسية إلى مناطق الصيد في الجزيرة، وفقاً لـ"رويترز".

وأشارت وكالة "فرانس برس" إلى أن باريس أعلنت أن لندن نشرت الجمعة لائحة بـ 41 سفينة فرنسية، من أصل 344 طلباً، رُخص لها بالصيد في مياه جيرسي، لكنها مرفقة بمطالب جديدة "لم يتم التشاور بشأنها ولا مناقشتها ولا الإبلاغ عنها مسبقاً"، في إطار الاتفاق بشأن ترتيبات ما بعد "بريكست"، المُبرم بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وبدأ تطبيقه في 1 يناير الماضي.

"تدابير انتقامية"

ولوّحت وزيرة البحار الفرنسية أنيك جيراردان، الثلاثاء، بـ "تدابير انتقامية"، وهددت أمام البرلمان بقطع التيار الكهربائي عن الجزيرة.

واحتجاجاً على شروط الصيد المفروضة على البحّارة الفرنسيين، أبحر بين 50 و70 مركباً، الخميس، أمام ميناء سانت هيلير، عاصمة جيرسي. ونقلت "فرانس برس" عن البحّار كامي ليكوروي قوله: "هذا تحرّك سلمي. لا سبب لتدهور الوضع. جاءت 3 مراكب صيد من جيرسي لمساندتنا".

أما رئيس اللجنة الإقليمية للصيد في نورماندي، ديمتري روغوف، فشدد على أن الهدف ليس إغلاق سانت هيلير، بل "تسجيل موقف". وتابع: "ليس وارداً الانتقال إلى الهجوم. هدفنا إسماع صوتنا وأن نثبت تصميم الصيادين ودعم مطالبنا".

في المقابل، انتقد دون طومسون، رئيس جمعية الصيادين في جيرسي، الصيادين الفرنسيين لرغبتهم في الصيد "دون قيود في مياهنا، بينما تخضع مراكبنا لكل أنواع الشروط المتعلّقة بكمية (الأسماك) التي يمكن صيدها، حيثما أمكنهم ذلك". وأضاف أنه سيكون "غير عادل إذا استسلمت الحكومة لهذا الأمر".

"بيروقراطية مفرطة"

أما غيرغوري غيدا، مساعد وزير البيئة والشؤون الخارجية في جيرسي، فقال إن "مركباً كان يصطاد العام الماضي في جيرسي، يمكنه أن يصطاد هذا العام أيضاً". وأضاف: "نظراً إلى الصعوبات، نحن مستعدون للتحاور مباشرة مع الصيادين. لديهم جميعاً أرقامنا". وانتقد "البيروقراطية المفرطة"، علماً أن طلبات الحصول على تراخيص الصيد يجب أن تمرّ عبر الحكومتين الفرنسية والبريطانية والمفوضية الأوروبية، وفق "فرانس برس".

ونشرت السلطات البحرية الفرنسية سفينتَي دورية الخميس، قبالة جزيرة جيرسي، مبرّرة الأمر بـ "ضمان أمن الملاحة والحفاظ على الأرواح في البحر".

ونقلت "رويترز" عن مسؤول في الرئاسة الفرنسية قوله إن نشر السفينتين "يعبّر عن قلقنا وإحباطنا، وهو نداء من أجل التطبيق الصحيح لاتفاقات بريكست".

جاء ذلك بعد نشر لندن سفينتين تابعتين للبحرية الملكية، من أجل "مراقبة الوضع". وتحدث ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية عن "إجراء وقائي بحت، بالاتفاق مع حكومة جيرسي".

لكن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون أكد أن "المناورات" البريطانية قبالة جيرسي "لن ترهبنا". وقال: "أجريت محادثات مع ديفيد فروست، الوزير البريطاني المكلّف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. لا نرغب في أن يستمر التوتر، بل التطبيق السريع والكامل لاتفاق" بريكست.

ودعت جيراردان السلطات البريطانية إلى "التراجع عن قرارها" بفرض قيود جديدة على الصيادين الفرنسيين.

تشدد جونسون

في المقابل، أبلغ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون رئيس وزراء جيرسي، جون لو فوندريه، وشخصيات بارزة أخرى في الجزيرة، خلال اتصال هاتفي، الخميس، دعمه القاطع لجزيرة جيرسي، وأكد أن سفينتَي الدوريات البحرية التابعة للبحرية الملكية، "ستظلان في مكانهما لمراقبة الوضع كإجراء احترازي"، كما نقلت رويترز عن ناطق باسم جونسون.

وكانت الحكومة البريطانية أعلنت الأربعاء أن جونسون تحدث مع القادة السياسيين في جيرسي، مؤكداً لهم أن أي حصار للجزيرة "لن يكون مقبولاً". وأضافت أن "رئيس الوزراء البريطاني ونظيره الفرنسي شددا على الحاجة الماسة إلى عدم التصعيد، وإلى الحوار بين جيرسي وفرنسا بشأن الوصول إلى مناطق الصيد"، بحسب "بلومبرغ".

وأفادت "أسوشيتد برس" بأن معارضين لجونسون يتهمونه بتصعيد الوضع في الجزيرة، لغايات انتخابية، إذ تنظّم إنجلترا واسكتلندا وويلز انتخابات محلية وإقليمية الخميس.

ودعت ناطقة باسم المفوضية الأوروبية جانبَي النزاع إلى "الهدوء"، مشيرة إلى "مواصلة مناقشاتنا مع المملكة المتحدة". وكانت "بلومبرغ" نقلت عن ناطقة قولها إن المفوضية أبلغت المملكة المتحدة أن الطريقة التي فرضت بها قيوداً إضافية على الصيادين الفرنسيين، جعلتها تنتهك اتفاق "بريكست".