لا يعتبر تبني ملف «الأمن الغذائي» في مملكة البحرين من ملفات الترفية أو الترفيهية. إذ يعتبر اليوم من أبرز وأهم وأخطر الملفات الوطنية التي يجب أن تؤخذ بعين الجدية والاعتبار. فهو التحدي القادم، وهو الركيزة الأهم لكل مشاريعنا المستقبلية والأمنية، على اعتبار أن «الغذاء» هو الشريان الحيوي للاستغناء عن الكثير من وارداتنا الغذائية التي ترهقنا.

على ضوء هذه المعطيات ولنتتبع كيف نشأت فكرة واهتمام مملكة البحرين بهذا الملف، أكد وكيل الزراعة والثروة البحرية بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني الدكتور نبيل أبو الفتح، بأنّ مملكة البحرين تنبّهت للحاجة لتأمين مخزون استراتيجي من الأمن الغذائي بشكلٍ مبكّر من خلال الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، خلال افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب في أكتوبر 2019، حيث وجّه جلالته لوضع مشروع استراتيجي للإنتاج الوطني للغذاء.

تتميز البحرين بوجود المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي، التي يرأس مجلسها الاستشاري صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة. حيث ساهمت مشروعات المبادرة في تنمية القطاع الزراعي من أجل تحقيق النماء الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، وانعكس ذلك بشكلٍ إيجابي على زيادة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي وجرى العمل على الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية.

اليوم تتبوَّأ البحرين المرتبة السادسة عربياً والـ50 عالمياً للعام 2019، وهذه المرتبة تعكس البُعد الاستراتيجي الإيجابي والجهود المميّزة التي تبذلها مختلف الجهات الحكومية في سبيل تطوير العمل بمجال الأمن الغذائي. كما أن هناك الكثير من المبادرات الزراعية بوكالة الزراعة والثروة البحرية، ومن أبرزها التوسع في استخدام أساليب الإنتاج الزراعي الحديثة، وتشجيع الاستثمار في مجال الزراعة المتطورة، وتعزيز الشراكة مع المنظمات الدولية، والمحافظة على الأصول النباتية الوراثية، وتعزيز الابتكار والتطوير في مجال قطاع النخيل، فضلاً عن السلامة والرقابة الغذائية، وتطوير القدرات الفنية الزراعية.

كل الأرقام والمبادرات التي طرحها أبو الفتح، والتي لا يسع المجال لذكرها هنا، تشير إلى نسبة تفاؤل كبيرة جداً، بأن مملكة البحرين، آخذة في النمو والصعود في هذا المجال، والسير بخطى حثيثة نحو الاعتماد الذاتي والوطني بشكل تدريجي في مجال الأمن الغذائي والزراعي، وهو الأمر الذي طالبنا فيه، قبل أكثر من 16 عاماً من الكتابة.