لربما احتفلنا بأيام العيد في بلداننا بكل أمن وسلام، لكن على العكس في فلسطين العربية الشقيقة كانت أيام العيد وما سبقتها مما تبقى من رمضان أيام رعب وألم وموت.

حتى لحظة كتابة هذه السطور أفادت آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية بأنه خلال 10 أيام من العدوان الإسرائيلي استشهد 220 شهيداً بينهم 59 طفلاً، إضافة إلى النساء والشيوخ والمدنيين وأصيب أكثر من 6 آلاف شخص بإصابات خطيرة ومتوسطة.

المشاهد المروعة التي تنقل لنا من الأراضي الفلسطينية نتيجة هذا العدوان الغاشم مشاهد حركت العالم بأسره لإدانة هذه الجرائم المستمرة بحق شعب عربي مازال يعاني طيلة عقود من وحشية وعدوانية لابتلاع مزيد من أراضيه.

في عام 1948 حينما احتلت فلسطين لكم أن تروا خريطتها واضحة كاملة، واليوم لم يعد للشعب العربي هناك سوى بقعة صغيرة على أرضه، أجزاء الطموح اليوم إزاءها بألا يتم ابتلاعها بالكامل وبالتالي تنتهي دولة اسمها فلسطين ويصبح شعبها غريباً في أرضه، ورغم كل المحاولات السياسية والدبلوماسية لإيقاف الاستيطان وبناء المستوطنات فإن إسرائيل ماضية في مشروعها.

الولايات المتحدة الأمريكية كالعادة تتحمل مسؤوليتها تجاه ما يحصل، إذ رغم تبدل الإدارة الأمريكية فإن الانحياز التام لإسرائيل واضح تماماً، وما تعطيل إدارة بايدن قرار مجلس الأمن بإرادة فريدة إلا إثبات على أن الوقوف الأمريكي في المنتصف بين الحقوق العربية وبين الكيان الإسرائيلي المدعوم من البيت الأبيض ليس إلا إدعاء غير واقعي، إذ مازال الضحايا من الأشقاء الفلسطينيين يتساقطون، مازال الأطفال يدفعون ضريبة هذه السياسات وضريبة ترك يد القوات الإسرائيلية مطلقة تفعل ما تشاء.

العالم يدين، بل العالم أصبح يتوسل للأسف لوقف ماكينة القتل بحق شعب أعزل لا يمكنه مقاومة طائرات قتالية ومنظومة حربية تعد رابع أقوى قوة عالمية، وهنا لسنا نتحدث عن صراعات بين جيش في مقابل أحزاب وقوى عسكرية، بل نتحدث عن أبرياء لا ذنب لهم سوى الرغبة في العيش بدون خوف وهلع، بدون قلق الطرد من منازلهم وتشتيتهم، بدون التوجس من أن صاروخاً أو قذيفة قد تخطف أرواحهم وأرواح أبنائهم.

إن كان من حلول سياسية لوقف كل هذا فلتكن، إن كان من إدانات عالمية واسعة لتوقف هذا القتل فليكن، إن كان أي شيء يمكنه إيقاف الوجع الفلسطيني فليكن، لكن ليقف القتل ولتنتهِ الوحشية، إذ ألا يكفي أنهم مشردون في أرضهم، ألا يكفي أنهم يستشهدون على أرض لم تعد أرضهم.

نعرف تماماً الخارطة السياسية فيما يحصل هناك، نعرف من يستفيد ومن يتاجر بالقضية ونعرف من يناور ويحاول التكتيك، وكل يبحث عن مكاسبه، لكننا نعرف تماماً أن هناك شعباً لا ذنب له سوى رغبته في الحياة لكنه يجازى بالموت.

مازالت صورة محمد الدرة ماثلة أمام عيني طيلة سنوات ولا يمكن نسيانها، وبعده فقدنا مئات من محمد وغيره من الأطفال، رحمهم الله.

* اتجاه معاكس:

مملكة البحرين أدانت بشدة الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على أشقائنا الفلسطينيين، ودعت المجتمع الدولي لاتخاذ موقف عاجل لوقف الجرائم الحاصلة، والأشقاء في الخليج كذلك منظمة المؤتمر الإسلامي وغالبية دول العالم، إذ لا أحد يريد رؤية بشر يقتلون وأطفال يذهبون شهداء بلا ذنب، وما الجهود التي بذلت والتحركات التي تمت إلا بهدف تحقيق السلام للبشر، فكيف لأي سلام أن يتحقق إن لم يتوقف المعتدي عن قتل البشر؟!