الحرة

أثار طلب تحالف فايزر بيونتيك ترخيص جرعة ثالثة من لقاحه المضاد لفيروس كورونا موجة من التساؤلات والجدل حول الهدف من هذه الخطوة، وإمكانية تحول الجرعات إلى سنوية أو نصف سنوية، كما هو الحال مع اللقاحات المضادة للإنفلونزا الموسمية.

طلب فايزر بيونتيك لاقى ردا من إدارة الدواء والغذاء الأميركية التي أعلنت في بيان مشترك لها مع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن الأميركيين المطعمين ليسوا بحاجة في الوقت الحالي، لأخذ جرعة ثالثة من لقاح فايزر.

إلا أن فايزر أصرت على طلبها وقالت إن الوقت حان لتقديم طلب للحصول على الترخيص، بعدما سجلت بياناتها انخفاضا في القدرة المناعية للجرعتين الأولى والثانية.

وقالت الشركتان إن "فايزر وبيونتيك لاحظتا أن هناك نتائج مشجعة للتجارب الجارية على جرعة ثالثة من اللقاح الحالي".

وأضافتا أنهما تتجهان "لتقديم هذه البيانات إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية ووكالة الأدوية الأوروبية وسواهما من السلطات التنظيمية".

ويقول الدكتور ضرار بلعاوي مستشار علاج الأمراض المعدية في حديثه لموقع "الحرة" إن "فكرة إعطاء جرعة معززة موجودة في علم اللقاحات والوبائيات منذ القدم وهي ليست بفكرة جديدة".

وأوضح أن "الهدف منها هو زيادة نسبة الأجسام المضادة في جسم المتلقح وتعزيز المناعة ومحاولة السيطرة على المتحورات التي يمكن أن تخرج من الفيروس".

وأكد بلعاوي أن "البراهين والأبحاث أثبتت أن جرعتي اللقاح من فايزر أو بعض اللقاحات الأخرى قادرة على التعامل مع فيروس كورونا، وفكرة الجرعة الثالثة مطروحة لأن الأجسام المضادة للفيروس تكون منخفضة عند المرضى وكبار السن".

وأشار إلى أن "المتحورات خفضت من فعالية اللقاحات بنسبة 20 إلى 30 في المئة، لكن ما زالت جرعتي اللقاح من فايزر وبعض اللقاحات قادرة على التعامل مع المتحورات".

وتابع بيان الشركتين "تظهر البيانات الأولية للدراسة أن جرعة تحصين تعطى بعد 6 أشهر على الجرعة الثانية توفر مستويات عالية من الأجسام المضادة للفيروس"، بما في ذلك ضد المتحور "بيتا" الذي ظهر في جنوب أفريقيا. وهذه المستويات "أعلى بنسبة 5 إلى 10 مرات" من تلك التي شوهدت بعد تلقي الجرعتين الأوليين.

كما لفتتا إلى أن لقاحهما أظهر نتائج جيدة في المختبر ضد المتحور "دلتا"، وبالتالي فإن جرعة ثالثة ستكون قادرة على تعزيز المناعة ضده.

وفي أبريل الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، إن الحاصلين على لقاح فايزر بيونتيك سيحتاجون على الأرجح إلى جرعات معززة، في غضون 12 شهرا من التطعيم الكامل.

بدوره قال الأخصائي في علم الوبائيات الدكتور أحمد الطسة في حديثه لموقع "الحرة" إن "الجرعة الثالثة هي جرعة تذكيرية، تقوم بتذكير جهاز المناعة لإنشاء مضادات وتقوية المناعة، وهذا يحصل باللقاحات العادية، وهذا مفهوم قديم".

وكذلك قالت الدكتورة رولا حصني المتخصصة في الأمراض الجرثومية إن "هناك دراسات تثبت أن المناعة تنخفض بعد سنة من التطعيم".

وتابعت في حديثها لموقع الحرة أنه "كلما كان مستوى الأجسام المضادة مرتفعا، كلما كانت مواجهة متحور دلتا والمتحورات الأخرى أفضل وأقوى".

وقالت وكالة الأدوية الأوروبية، يوم أمس الجمعة إنه "حتى الآن، لم يتم جمع بيانات كافية عن فترة الحماية من الدراسات وحملات التطعيم، ولذلك فإنها لا ترى أي أساس حتى الآن لجرعات تعزيزية من اللقاح المضاد لفيروس كورونا".



الأولوية

ومع التأكيد على أهمية التحصين يرى بلعاوي أن "البراهين تثبت أن الجرعتين كافيتين وما زالتا تعملان ضد الفيروس، وهناك شح في توزيع اللقاحات".

وأضاف "من غير المعقول إعطاء جرعة ثالثة للملقحين وهناك دول كثيرة وخاصة في أفريقيا لم يحصل سوى نسبة ضئيلة من سكانها على اللقاحات، والأولوية هي لتطعيم غير الملقحين".

وأوضح أنه "لو كان هناك وفرة في اللقاحات لكان إعطاء الجرعة الثالثة مناسبا، ولكن نسبة الذين تلقحوا من سكان العالم قليلة، ولا توجد عدالة في توزيع اللقاحات بين الدول".

من جانبه، قال الطسة إن "الأولوية هي لتلقيح المزيد من غير الملقحين وحماية العدد الأكبر من الأشخاص".

وتابع أن "من أخذ جرعتي سينوفارم، ومع وجود المتحور الهندي دلتا، الأفضل أن يأخذ جرعة ثالثة من فايزر لتعزيز المناعة والأجسام المضادة المقاومة للفيروس".

أما حصني فترى أن "الخيار الأفضل هو تلقيح أكبر عدد ممكن من الناس لمواجهة الفيروس".

وأضافت: "مع وجود متغير دلتا أصبح هناك عامل آخر يحدد الأولوية، فلذلك يجب معرفة قدرة الشركات على تصنيع اللقاحات وتلبية حاجة الناس، ومعرفة كيفية توزيع هذه اللقاحات لنستطيع أن نحدد الأولوية".

وتابعت "أنه من الأفضل تلقيح أكبر عدد ممكن إذا كان ذلك متاحا، ولكن في الوقت نفسه يجب إعطاء من تلقحوا جرعة ثالثة لتعزيز مناعتهم حتى لا نعود إلى نقطة الصفر، ويجب أن يكون هناك توازن في هذا الشأن".

ويعتقد خبراء في مجال الأدوية، من بينهم بورلا، أن لقاحات فيروس كورونا قد تصبح إجراء سنويا روتينيا، مثلها مثل تطعيمات الإنفلونزا.

وفي هذا السياق، قال بلعاوي: "يبدو أن فيروس كورونا سيضعف وسيصبح مستوطنا مثل فيروس الإنفلونزا، ونحن نراهن على هذا الشيء، وبالتالي عندما يصبح مستوطنا تصبح اللقاحات اختيارية".

من ناحيته قال الطسة إنه "ما دام فيروس كورونا موجودا، فمن الطبيعي أن يصبح التطعيم سنويا، وقد يصبح التلقيح إلزاميا للسفر والتنقل، وكورونا لا زال يشكل خطرا على البشرية، وهو قادر على التحور".