إرم نيوز


تنشغل الأوساط السياسية والشعبية في العراق، بشأن تفاصيل الانسحاب الأمريكي من البلاد، المقرر نهاية العام الجاري، إذ سيقتصر على المهام الاستشارية ومساندة القوات العراقية، على وقع تداعيات السيناريو الأفغاني ”المخيف“.

السيناريو الأفغاني انسحبت تداعياته سريعا على واقع العراق، في ظل وجود مجموعات مسلحة شبه رسمية، مع تنظيم ”داعش“، وهو ما يطرح تساؤلات عن الجهة، التي قد تلعب دور طالبان.

الفصائل المسلحة


يرى الخبير في الشأن العراقي، علي البيدر، أن ”الفصائل المسلحة، لغاية الآن هي الأقرب للعب هذا الدور، كونها تمتلك الإمكانيات المادية والقتالية، والعناصر المستعدة لهذا السيناريو، لكن ذلك لا يمنع أن يظهر تنظيم داعش مجددا على الساحة، ويستعيد ترتيب صفوفه، مستغلا الانسحاب الأمريكي“.

وأضاف لـ“إرم نيوز“ أنه ”عندما نتحدث عن نفوذ تلك الجماعات، فإنها تنحصر في مناطق محددة، فتنظيم داعش، لديه رغبة وطموح بالسيطرة على المناطق العربية السنية، والفصائل المسلحة يمكن أن تسيطر على وسط وجنوب العراق، كونها لا يمكن أن تسيطر بشكل مطلق على المناطق السنية، لاعتبارات مذهبية وجغرافية“.

ولفت البيدر إلى أن ”القوات العراقية، لم تصل لغاية الآن إلى دور الجاهزية للعب أي دور كبير، في حال انسحاب القوات الأمريكية من البلاد“.

ولا تخفي قطاعات عريضة من العراقيين، مخاوفها من تكرار السيناريو الأفغاني في العراق، مع ما يعنيه ذلك من ترك البلاد فريسة للنفوذ الإيراني من جهة عبر الميليشيات المسلحة التابعة لطهران، وعودة التنظيمات المسلحة مرة أخرى.

ولدى الفصائل المسلحة، تاريخ من محاولات ”ابتلاع“ الدولة العراقية، عبر نشر مسلحين، في المناطق الحيوية، وإجراء الاستعراضات العسكرية، مع تصدير خطاب ضرورة تكرار السيناريو اليمني، والسيطرة بالمجمل على العاصمة بغداد.

وشهدت الأشهر الماضي، بضع تظاهرات مسلحة، قامت بها مجموعات تابعة للحشد الشعبي، مثل: فصيل ”ربع الله“ وكذلك كتائب حزب الله، التي حاصرت المنطقة الخضراء، في أكثر من مناسبة، وهو ما يعطي مؤشرا على الجهة التي ستلعب دور طالبان.

وضع مختلف

من جانبه قال وزير الدفاع العراقي جمعة عناد إن ”الوضع في العراق يختلف تماما عن الوضع الراهن في أفغانستان، إذ إن حركة طالبان من داخل البلاد وليست من خارجها، وتحظى بمؤيدين من المجتمع الأفغاني، وإن الذي يحكم هذا المجتمع هو نظام قبلي، وطالبان تمتلك عمقا كبيرا في العشائر الأفغانية“.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن ”العراق يختلف تماما عن أفغانستان، فلا يمكن مقارنتهما معا، وفي مقدمة هذا الاختلاف أن تنظيم داعش هو تنظيم عالمي وليس عراقيا، وأن العراقيين المنسوبين لهذا التنظيم هم قلة قليلة، بينما الجزء الأكبر لهذا التنظيم من خارج العراق“.

وأكد الوزير السابق ”أنه لا توجد جذور لهذا التنظيم في المجتمع ولا العشائر العراقية، وأن مَن تبقى من التنظيم هم جزء قليل جدا لا يمتلك القدرة العسكرية ولا الإمكانيات ولا يشكل خطرا على البلاد“.

عمق ميليشياوي

وإذا كان تنظيم ”داعش“ لا يحظى بأي مقبولية لدى أحد من العراقيين، فإن الفصائل المسلحة، وقوات الحشد الشعبي، تجد مساندة وافرة من قطاعات عشائرية وشخصيات نافذة في الحكومة، فضلا عن بعض أعضاء مجلس النواب، والدعم المقدم من طهران، وهو ما يمنح تلك الفصائل أفضلية على ”داعش“، في حال انهيار الأوضاع داخل البلاد.

وقال مصدر مقرب من عصائب أهل الحق، إن ”أوامر صدرت بالاستعداد والتهيؤ وتفعيل الخطط للأشهر المقبلة، تحسبا لأي طارئ، ولتنظيم مسيرات في يوم انتهاء مهام القوات الأمريكية، وكذلك الاستعداد لأي تحرك يقوم به تنظيم داعش، في المدن التي يمتلك فيها خلايا نائمة“.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن ”الأحاديث المتداولة بين القيادات الوسطى للفصائل المسلحة، تعطي انطباعا بحدوث شيء بعد الانسحاب الأمريكي، فإما سيطرة تامة لتلك المجموعات، وإما حصول مواجهات مع تنظيم داعش“.

ولفت في حديث خاص لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”بعض الفصائل تتخوف حتى من إيران، وتتحسب لوجود سيناريو كبير، قد تذهب ضحية له“.

ولعل ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الميليشيات ربما تفكر في حراك مشابه لما جرى في أفغانستان، هو أن عددا من المنصات المقربة منها أبدت ارتياحا غير مسبوق للأحداث في كابول، فضلا عن ترحيبها الواضح بما جرى، بحسب مراقبين.

مجازفة ”قاتلة“

من ناحيته برى الخبير في الشأن العراقي ميثاق القيسي، أن ”الفصائل المسلحة، وإن كانت أبدت ارتياحا لما حصل في أفغانستان، للتدليل على حجتهم، بشأن خسارة التحالف مع الولايات المتحدة، لكن المجازفة بتولي زمام الأمور في العراق، ستكون قاتلة لها، إذ عليها إدارة دولة منهكة، وتحييد آلاف العسكريين، وبدء علاقات جديدة مع المحيط الإقليمي، وهذا يمثل مهمة معقدة، قد تبدأ بكتابة نهاية تلك الفصائل“.

ويرى في تصريح لـ“إرم نيوز“، أنه ”إذا كانت تلك المجموعات شبه العسكرية، تحظى بعلوية على بقية القوات الأمنية، ودعم شعبي، فلماذا عليها أن تتصدر الواجهة، وتتحمل تبعات هذا القرار“.

ولفت القيسي إلى أن ”تلك المجموعات ستتبنى سيناريو وسطا بين السيطرة التامة، والانزواء، يتمثل بالتمدد وتحصيل المزيد من خيوط القرار، وتوسيع الهيمنة، على أن تبقى الواجهة حكومية تدير الأمور“.