عاشت عشرات العائلات البحرينية قبل أيام، لحظات فرح غائب امتد لأشهر وربما لسنوات، فمن بين دموع الأمهات.. وسعادة الأطفال.. وحنين الأهل، كانت لحظات فرح حقيقية، نقلتها عدسات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تزامناً مع البدء بتنفيذ تعديلات قانون العقوبات والتدابير البديلة، والصادر مؤخراً عن حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه.

ويأتي التعديل الصادر بمرسوم ملكي منسجماً مع مسيرة تطوير وتحديث التشريعات الوطنية الضامنة لمبادئ حقوق الإنسان، ومساهمة حقيقية في استقرار المجتمع، أمنياً واجتماعياً، والحد من الجرائم وإعطاء فرصة للمحكومين بالاندماج في المجتمع وتقويم سلوكياتهم.

وللتدليل على ما حققه قانون العقوبات والتدابير البديلة، منذ إصداره عام 2017، لا بد من الإشارة إلى عدد المحكومين المستفيدين من تنفيذه والبالغ 3511 محكوماً، وهو ما يعني توفير الاستقرار النفسي الاجتماعي لـ 3511 عائلة، تم إعادة أبنائها إلى حضها وحضن الوطن ليكونوا مواطنين صالحين ومساهمين في مسيرة البناء الوطني.

ولا شك في أن آثار تطبيق قانون العقوبات البديلة وتعديلاته لا تقتصر على المحكومين وعائلاتهم فقط، بل لها انعكاسات على صورة المملكة في الخارج، حيث تعد البحرين من أوائل الدول العربية الرائدة في الأخذ بقانون العقوبات البديلة، إلى جانب انعكاسات هذا القانون عالمياً على صورة تطور منظومة العدالة الجنائية في المملكة، والتي تستهدف روح القانون دون الإخلال بالحقوق الشخصية للأفراد.

واليوم، وبعد دخول تعديلات القانون حيز التنفيذ، ضمن اشتراطات واضحة ومحددة، تصبح الكرة الآن في ملعب المحكومين وعائلاتهم، إذ إن إعادة التأهيل والاندماج مرة ثانية في المجتمع، والحرص على تجنب كل ما من شأنه تكرار ارتكاب الجرائم؛ تعتمد بالدرجة الأولى على الوعي الواجب توفره لدى العائلات والأفراد، خصوصاً بعد مرورهم بتجربة السجن، والتي كانت بلاشك مريرة عليهم وعلى عائلاتهم وما خلفته من آثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

وأخيراً.. فإن التعديلات الأخيرة على هذا القانون تعتبر نقلة نوعية في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأحد أهم الإنجازات التشريعية المتقدمة للمملكة، كما أنها تعكس منهج البحرين المتسامح المتفهم الواعي، ورؤية جلالة الملك المفدى في ضرورة حفظ الكرامة الإنسانية للجميع، إذ إن الغرض من العقاب ليس النيل من كرامة الإنسان والتنكيل به؛ بل الحفاظ على مظاهر التهذيب والإصلاح لمن يرتكب جرماً ليعود عنصراً فاعلاً منتجاً لمجتمعه ووطنه.

* إضاءة:

«.. ونهيب بكافة فئات المجتمع؛ القبيلة.. العائلة.. الأسرة، أن تعمل جميعاً على أن يلتزم أبناؤها باحترام القانون، وهي مسؤولية يجب أن يتحملها الجميع، خاصة عندما يرتبط احترام القانون بمبدأ التعايش المشترك والتسامح والألفة والمحبة». «جلالة الملك المفدى – 14 يناير 2012».