شبح أزمة مالية صينية -قد تتحول إلى عالمية- يلوح في الأفق بعد أن اتضح منذ بضعة أيام أن ثاني أكبر شركة تطوير عقاري صينية من ناحية المبيعات، «ايفرغراند»، قد تتخلف عن سداد ديونها. الشركة العقارية العملاقة التي تمتلك أكثر من 1300 بناية في أكثر من 280 مدينة صينية تراكمت عليها قروض تجاوزت 300 مليار دولار في فترة توسعها السريع خلال الأعوام الماضية.

وفي حال انهيار «ايفرغراند»، وتخلفها عن السداد سيتأثر سلباً 171 بنكاً صينياً محلياً و121 مؤسسة مالية أخرى كانت قد أقرضت الشركة مبالغ فلكية مما يؤدي إلى انعكاسات وخيمة على الاقتصاد الصيني تدفعه إلى الانكماش. وتأثر الاقتصاد الصيني سيؤثر حتماً على الاقتصاد العالمي بشكل عام.

وليس واضحاً حتى الآن إذا كانت الحكومة الصينية ترغب في أن تتدخل لتنقذ الشركة، خاصة أن ذلك يعني أنها ستضطر إلى التدخل لإنقاذ العديد من الشركات الأخرى «تحديداً العقارية»، التي تعاني من خلل مماثل يتعلق بحجم الاقتراض المبالغ فيه. لكن يرجح المحللون أن تترك الحكومة الصينية شركة «ايفرغراند» تعاني ما تعانيه. فالحكومة الصينية ترغب في تصحيح اقتصادها وجعله أكثر متانة بعيداً عن الشركات المتضخمة من أموال البنوك.

والصين ومنذ أن تولى الرئيس الحالي جي جيبنج تسعى إلى أن يعكس الناتج المحلي الحركة التجارية الواقعية وليس الحركة التجارية المبنية على الاقتراض ولذلك استحدثت تشريعات تحد من الاقتراض وتفرض سقفاً للقروض المتاحة للشركات.

بورصات العالم تلقت الخبر بشكل متفاوت ولكن أغلبها ظهرت عليه المخاوف وانحدرت مؤشراتها. وهذه الأيام تذكرني بعام 2008 عندما بدأت اخبار تعرض الشركة المالية الأمريكية العريقة «ليمان بروذرز»، لصعوبات مالية تظهر للملأ وبعدها بأيام قليلة ضربت الأسواق المالية أحد أسوأ الكوارث التي هزت العالم كله ولفترة طويلة. ولا أستبعد أن تصيب تبعات ما يحصل لشركة «ايفرغراند» الصينية الآن جميع دول العالم، فاقتصاديات الدول مرتبطة ببعضها البعض وما يصيب الصين يصيبنا ليس من الجانب الاقتصادي فقط بل من أكثر من جانب، و«كورونا» مثالاً.