تسعى كتل سياسية سُنية مشاركة في الانتخابات النيابية المقررة، يومي السبت والأحد، إلى إجراء تغييرات في توزيع المناصب الرئيسية، والحصول على منصب رئاسة الجمهورية، فيما تتمسك الكتل الكردية بهذا الموقع الحسّاس.

وجرى عُرف غير مكتوب، منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، على توزيع المناصب، وفق المكونات، ليكون منصب رئاسة الوزراء، للمكون الشيعي، والجمهورية، للمكون الكردي، ورئاسة البرلمان للسنة.



ولا تخفي أحزاب سنية، هذه المرة رغبتها بالحصول على رئاسة الجمهورية، كنوع من التغيير في الوضع القائم، واختراق التابوهات السياسية، على رغم أن منصب رئاسة الجمهورية، هو فخريٌ دون صلاحيات واسعة، مثل رئاستي البرلمان والحكومة.

ويعد تحالف تقدم برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، هو الراعي الرسمي، لهذا المسار، لجملة اعتبارات.

وقال قيادي بارز في التحالف: إن "رغبتنا بالحصول على منصب رئاسة الجمهورية، يأتي لإحداث تغيير، وخضة في الوضع السياسي، للخروج من السياقات القديمة، التي تواطأ الجميع عليها في فترة سابقة، مرّ بها العراق، وهي فرصة أولى لكسر كل الاتفاقات السابقة، وإنهاء هذا العرف، وصولاً إلى إمكانية أن يتولى كردي رئاسة الوزراء، وشيعي رئاسة البرلمان، وهذا من حق الجميع".

وأضاف القيادي الذي فضل إخفاء اسمه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "منصب رئاسة الجمهورية بالفعل هو فخري، لكن فيه صلاحيات جيدة، وهو بوّابة البلاد نحو العلاقات الخارجية، والحاضنة العربية، لكن رأينا بروداً من قبل رؤساء الجمهورية السابقين، نحو هذا الشيء، وهو ما ساهم بتعميق عزلة العراق، عن جيرانه، ومحيطه الإقليمي، والعربي تحديداً، ما يجعلنا نفكر بإحداث تغيير يصب في مصلحة الجميع".

وتسلم العرب السنة، منصب رئاسة الجمهورية، لمرة واحد فقط، بعد عام 2003، عندما تسلم المنصب، الشيخ غازي عجيل الياور، خلال حكومة إياد علاوي الانتقالية، ليجري اتفاق بين الجميع على تسلم المناصب وفق التقسيم المكوّناتي.

وأبدت الأطراف الكردية، رفضها لإجراء أي تحول في المناصب الرئيسية، وأكدت رغبتها بالحفاظ على النسق الحالي، وهو ما ينذر بخلافات قد تكون عميقة، بعد الانتخابات، في حال تمسكت الكتل الكردية والسنية بهذه الرغبة.

ولدى الرئيس الحالي برهم صالح، رغبة بالحصول على ولاية ثانية، حيث قال في حوار تلفزيوني سابق: "مهمتي الأولى إجراء الانتخابات بسلام، وأتطلع إلى الحصول على ولاية ثانية، فلدي الكثير لأقدمه في هذا المنصب".

لكن الانقسامات داخل الأحزاب الكردية، تمثل تحدياً بارزاً أمامها، قد تستغله الكتل السنية، لإبرام صفقة تبادل المناصب.

وخلال انتخابات عام 2018، لم يتفق الحزبان الكرديان، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، على ترشيح شخصية واحدة، لهذا المنصب، إذ رشّح الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الخارجية الحالي، فؤاد حسين، فيما رشح الاتحاد الوطني، برهم صالح، ليختار مجلس النواب الرئيس صالح.

وأثار هذا الخلاف حينها تساؤلات عن طبيعة تمثيل الشعب الكردي، إذا كانت الأحزاب غير متفقة على الشخصية المرشحة، وهو ما مرجح حصوله بعد الانتخابات الحالية، في حال عدم حصول المكون السني على هذا المنصب.

ويرد القيادي في الاتحاد الوطني، محمود خوشناو، على ذلك قائلاً: إنه "من الطبيعي وجود خلاف بين الحزبين الكرديين، كحال بقية الأحزاب، إذ لدينا خلاف مع الحزب الديمقراطي، في عدة أمور، كما لنا اتفاق في أغلب القضايا، لكن منصب رئيس الجمهورية، هو ممثل للشعب الكردي، وإن كان هناك عدم توافق تام داخل الأحزاب الكردية، بشأنه".

وأضاف خوشناو في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "المسألة لا تتعلق بالحصول على المنصب، بقدر إدارته بتوازن، دون تخندق أو تمحور، وهو ما نسعى إلى أن تكون هناك إدارة جيدة لهذا المنصب المهم".

وعلى رغم إعلان قيادات سنية، وجود حراك للحصول على منصب رئاسة الجمهورية، غير أن مراقبين للوضع العراقي، يرون صعوبة تحقيق ذلك، بسبب التعقيدات التي بُنيت عليها العملية السياسية في البلاد، فضلاً عن عدم جاهزية الأجواء والمناخ السياسي لإحداث هذا التغيير.