الحرب الأهلية المصغرة التي اندلعت الخميس الماضي في بيروت وراءها قصة ملخصها أن «حزب الله» وصل إلى مرحلة جعلته يرفض ويعاقب كل من يتجرأ ويقول له «لا» أو لا يستجيب لطلباته ولا ينفذ أوامره. ولأن قاضي التحقيق في انفجار الميناء طارق البيطار قرر أن ينحاز إلى ضميره ولا يلتفت إلى الضغوط التي تمارس عليه من أي جهة بغية الكشف عن المتورطين في ذلك الانفجار الضخم الذي لم يهز بيروت وحدها وقتل وجرح وآذى الكثيرين فقام باستدعاء من وجد أن العدالة تستدعي التحقيق معه أو حتى توقيفه، ولأن هذا لا يعجب ذلك الحزب ومن يقف وراءه لأنه «قد» يؤدي إلى افتضاح أمره ويتبين للعالم أنه وراء التفجير لذا صدرت الأوامر بزيادة جرعة الضغط على البيطار واتهامه بالتسييس وصولاً إلى مواجهته، فتم توجيه أتباع الحزب ورديفه «حزب أمل» التابع لرئيس مجلس النواب نبيه بري بالتجمع أمام المحكمة ورفع الشعارات ضد القاضي وتخوينه.. ثم حصل ما يستوعب الروايات المختلفة والمواقف وأدى إلى فقدان سبعة لبنانيين أرواحهم وإصابة أكثر من 30 شخصاً.. ودخلت البلاد في فوضى ستظل مفتوحة على أبواب عديدة أحدها عودة الحرب الأهلية.

ذلك الحزب سارع إلى اتهام حزب آخر، واتهام إسرائيل وأمريكا، وكل من يمكن القول إنه قد يكون وراء إطلاق الرصاص الكثيف في ذلك اليوم، وظل يوزع الاتهامات يمنة ويسرة، فالمهم هو أن يستفيد من الواقعة، والأهم هو أن يمنع القاضي والعدالة من اتهام أشخاص تابعين له بالتورط في انفجار الميناء.

المتابعون لخطابات حسن نصر الله التي كثرت في الآونة الأخيرة وخصوصاً خطابه الذي سبق واقعة الخميس مباشرة لابد أنهم لاحظوا لغة التحريض التي استخدمها وصولاً إلى إعلان رفض الحزب لقيام القاضي البيطار باستدعاء أتباعه والدعوة إلى الخروج في مظاهرة بغية الضغط لاستبداله. ولابد أنهم ربطوا بين كل هذا وزيارة عبد اللهيان الأخيرة لبيروت.