إن أهم ما يميز العيد هو «لمة الأهل»، فجميعنا مهما بلغ بنا العمر، نصحو مبتهجين يوم العيد لنلتقي بأهلنا ونبارك لهم العيد. وكم هو مؤلم أن تستقبل العيد وحيداً.

صحا «حسن» من نومه وألبسته أمه أرقى الملابس ليبدأ عيده كما الآخرين، إلا أن عيده للأسف لم يكن مثل سائر الأطفال الذين يعيشون حياة طبيعية. حاولت أمه وجده وأخواله وأعمامه أيضاً ألا يشعروه بأن هناك شيئاً يختلف في عيده، إلا أن الفطرة وحدس الطفل «حسن» كان أكبر من تمثيلياتهم ومحاولاتهم المتكررة لعدم إشعاره بأن والده غير موجود. وأنه سيحتفل بهذا العيد أيضاً دون «أب».

كان حلم والده الشهيد رحمه الله هو أن يشتري له ثوب العيد مع الغترة، وأن يرتدي الاثنان «الأب والابن» ذات الثوب والغترة، ليكون نسخة مصغرة منه، كان يحلم أخي الشهيد رحمه الله أن «ينسف» له الغترة وأن يضبطها له في كل مرة يتحرك فيها، وكان يأمل أن يصطحبه معه لمجالس الأهل ويفخر بذريته أمامهم ويريهم أنه أنجب ذكراً سيحمل اسمه وسيحمل راية وطنه وسيدافع عنها كما فعل أخي الشهيد.

كان أخي الشهيد يحلم بأن يلتقط صورة عائلية له ولزوجته ولابنه حسن صباح أول أيام العيد، ويرسلها إلى «جروب العائلة» لنرى «كشخة العيد»، وكان يأمل أن يحتفظ بـ «العيادي» التي سيحصل عليها «حسن» ليشتري له بها «ألعاباً كثيرة» تزين غرفته.

كما أنه كان يحلم بأن يأخذه إلى أحد المجمعات التجارية للعب والمتعة، كان يأمل أن يرى بسمته وضحكاته تتعالى وهو يقفز ويلهو ويلعب مع أقرانه.

ولكن الشهادة كانت أسرع من أن يحظى أخي الشهيد بهذه اللحظات التي يتمناها أي «أب» في الحياة.

ولكن سمو الشيخ «ناصر بن حمد» تلمس هذه الأحلام، وأبى إلا أن يجعل «حسن» وجميع أبناء الشهداء يشعرون بأن عيدهم مثل الآخرين، وأن سموه سيكون بمثابة «الأب» لجميع أبناء الشهداء، وبأن أبناء سموه حفظهم الله سيكونون إخواناً لجميع أبناء الشهداء، فبادر سموه بلقائهم ولكن بطريقة مبتكرة تعكس أجواء العيد، فجمع جميع أبناء الشهداء في منطقة رائعة للعب، ولم يكتف بهذا الشيء فقط، بل جعل أبناء سموه يتشاركون أجواء اللعب والمرح مع سائر أبناء الشهداء.

أؤمن بأنه لا يوجد شيء في الحياة يعوض الأبناء آباءهم، وأؤمن بأن الفقد مؤلم وموجع، ولكني سأستعير جملة قالتها لي «أم حسن» زوجة الشهيد حيث قالت: «يحاول الشيخ ناصر بن حمد أن يعوض أبناءنا غياب آبائهم الذين استشهدوا في سبيل هذا البلد الغالي، ونحن نقدر له جهوده التي يقوم بها سموه لاحتوائه أبناءنا، إن سمو الشيخ ناصر وعد وأوفى بوعده، فلقد وعدنا عندما استشهد أزواجنا بأن سموه سيكون عوناً وسنداً لنا وها هو يوفي بوعده في كل مره يرسم الفرح على وجوه أبنائنا، لدرجة أن «حسن» يسألني في كل مرة «متى سنرى بابا ناصر»؟!

فعلاً إن الفقد مؤلم، ولكن الشهادة فخر، وهذا ما يهون علينا مصابنا ويجعلنا على يقين بأن عيد شهدائنا في الجنة أحلى بإذن الله، فبارك الله لك يا صاحب السمو هذه المبادرات التي تشعر أبناء الشهداء بأنهم جزء من عائلتك الكريمة، فلله در تواضعك يا صاحب السمو.