جميعنا يعرف أهمية توظيف المواطن البحريني وفائدة هذه «الظاهرة الاقتصادية» على البلاد. ولعل من أهم وأبرز هذه الفوائد هي المردودات الاقتصادية وتنشيط الحركة المالية في الوطن. حين يحلّ الأجنبي محل المواطن البحريني في الوظائف فهذا يعني مزيداً من هجرة الأموال الكبيرة إلى خارج البلد وعدم استفادة الدولة منها. فالأموال التي ترحل كل عام من الخليج العربي إلى جهات متفرقة من العالم عبر العمالة الأجنبية تعتبر أرقاماً فلكية ومخيفة، ولو تم استثمار هذه الأموال في الداخل الخليجي لكان الوضع مختلفاً تماماً عمَّا عليه اليوم من الناحية الاقتصادية.

حين يتم توظيف المواطن فهذا «يعني» وجود حركة قوية في الأسواق المحلية، وحركة كبيرة في مجال الاستثمار العقاري والاستثمار السياحي والتجاري، ويعني مزيداً من الحركة الفاعلة والنشطة للبنوك وما يتعلق بها كالقروض وغيرها. إن تدوير الأموال في الداخل يعني انتعاش الاقتصاد المحلي بشكل كبير، كما أن هذه العملية الاقتصادية توفر مليارات الدنانير داخل أسوار الوطن وليس خارجه.

حين يتم توظيف المواطن البحريني فهذا يعني أن الأسواق المحلية والمجمعات التجارية لن تعاني من الكساد أبداً، كما أن حركة العقار ستنشط بشكل ملحوظ، كما أن حركة المصارف ستشهد طفرة كبيرة بعد الخمول الذي تشهده اليوم. حين تريد معرفة أهمية هذا الأمر وكيف أن أموال الموظف البحريني لن تهرب تباعاً للخارج عليك بمراقبة حركة الأسواق والبنوك والعقارات وبقية الأنشطة المحلية التي باتت تعاني الأمرَّين بسبب عدم الوفرة والسيولة المالية عند المواطنين بسبب عدم رغبة الكثير من مؤسساتنا الوطنية «في القطاعين» توظيف المواطنين، ولهذا فإن حركة الاقتصاد شبه المتعثرة التي لا يمكن لأي عين أن تخطئها في أسواقنا هي بسبب عدم وجود الوفرة الكافية من السيولة النقدية في جيوب بعض المواطنين الذين ما زالوا يحلمون إمَّا بوظيفة أو براتب جيد، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه -من هروب الأمول للخارج- فإن الحركة التجارية المحلية ستكون في خطر، خاصة مع وجود أزمة مالية عالمية وتدهور أسعار النفط. أمَّا ما نشاهده من حركة اقتصادية محلية فاعلة فإن سببها في الغالب يعود لمجاميع السياح الذين يدخلون البلد فينعشون الاقتصاد.

يجب النظر في صياغة هذا الوعي الاقتصادي عبر استراتيجيات صريحة وواضحة تعني بتوظيف المواطن البحريني أولاً والعربي ثانياً، وفي حال لم تتوافر الشواغر للإثنين يحل الأجنبي ثالثاً وليس العكس. إن مسألة السعي وراء تنشيط الإقتصاد وحركة التداول المالي بشكل عام تحتاج أن يكون المواطن البحريني هو المحور الفاعل في حركة الوظائف المحلية وعلى وجه التحديد المناصب المهمة والكبيرة، خصوصاً في القطاع الخاص الذي يفتقر للبحرنة الحقيقية وليست المزورة التي تعتمد على توظيف سائق بحريني في مقابل توظيف عشرات الأجانب برواتب فلكية كلها تهرب للخارج نهاية كل شهر، ثم نأتي من بعيد لنتساءل سؤالاً غبياً، ما هو الحل الناجع والفاعل للركود الاقتصادي والمالي في أسواقنا المحلية خلال هذه الفترة؟