قبل فترة بسيطة تشرفت بتلبية دعوة الجمعية البهائية الاجتماعية في مملكة البحرين لمشاركتهم الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لمولد حضرة بهاء الله. كان الحفل مثالاً رائعاً للجزم من جديد على أن البحرين بلد تعايش وتسامح، كان احتفالاً رائعاً عبر فيه البهائيون عن رسالة حضرة بهاء الله الداعية إلى الوحدة والتسامح الديني وتقبل الآخر والتعاون بين الشعوب والملل وأن يكون جميع البشر كعائلة إنسانية واحدة، كما تهدف الرسالة البهائية إلى نبذ كافة ألوان التعصب.

وعبر البهائيون من خلال احتفالهم بالذكرى المئوية الثانية لمولد حضرة بهاء الله عن أنهم عاشوا على تراب هذا الوطن الغالي كمواطنين يتمتعون بحرية إقامة شعائرهم الدينية وممارسة حقوقهم الاجتماعية دون تمييز.

وبمناسبة يوم التسامح العالمي تشرفت أيضاً بحضور المنتدى النيابي للتسامح الذي حمل عنوان «البحرين بلد التسامح» والذي تميز بحضور معظم أعضاء السلك الدبلوماسي في مملكة البحرين، وعدد كبير من البحرينيين من مختلف الديانات والملل والطوائف، ناهيكم عن الحضور الرسمي عالي المستوى من قبل صاحب السعادة رئيس مجلس النواب ووزير الخارجية والأمين العام للمجلس الاعلى للمرأة ورئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وأعضاء من السلك القضائي.

خلال هذا المنتدى الذي كان يسطر المعنى الحرفي لكلمة «حرية الأديان في البحرين»، تحدث الكثيرون عن مفهوم التسامح والتعايش في مملكة البحرين، حيث اختار القائمون على هذا المنتدى المتحدثين بعناية فائقة فكانوا من ملل وطوائف مختلفة، وكلهم دونما استثناء أكدوا من خلال كلماتهم على مبدأ التسامح الذي يدعو إليه دينهم ومعتقدهم. وهذا ما يؤكد على أن جميع الأديان والملل والطوائف تهدف رسالتها إلى إشاعة الألفة والتسامح والتعايش وتقبل الآخر.

وفي كلمة الأستاذة الرائعة ماريا خوري اختزلت مفهوم التسامح في عبارة استوقفتني حيث قالت: «لك معتقدك ولي معتقدي، لك دينك ولي ديني.. فلنتعايش ولنحترم بعضنا البعض فبالتسامح والتعايش تبنى الأوطان».

كما قدمت عضو مجلس الشورى الأستاذة الفاضلة نانسي خضوري عرضاً رائعاً تحدثت خلاله عن معظم الديانات والملل والمعتقدات والطوائف التي ضمتها البحرين في سرد تاريخي رائع وجهد علمي لتجميع المواد بشكل مبهر بينت من خلاله حجم التنوع الذي يضمه تراب هذه الأرض الغالية، وبعد هذا العرض الشيق والرائع وقف أحد سفراء الدول الأجنبية ليسألها عن «البهرة» وما هي؟ وأين تتواجد؟ في استغراب شديد من أن هذه الأرض الصغيرة المتوائمة والمنسجمة تضم كل هذه الديانات والملل!!

ذكرت مسبقاً أن «هذه هي البحرين» ليس مجرد شعار، وليس مجرد حملة دعائية تجوب العالم لتقنعهم بأننا أهل سلم وتعايش، بل هي واقع نعيشه كل يوم ونتنفسه في كل دقيقة نعيشها على أرض هذا الوطن الذي استطاع احتواءنا رغم كل اختلافاتنا.

«لكم دينكم ولي دينِ» هي آية من الدين الإسلامي بينت تلخيصاً لمفهوم التسامح والتعايش وحرية الأديان. فاحترام معتقد الآخر ليس ضرباً من ضروب الانفتاح وليس جزءاً من شخصية الفرد الواعي والمثقف وحسب، بل إنها تعاليم دينية في الدين الإسلامي، كما يوجد في باقي الأديان السماوية والملل والمعتقدات ما يوازي هذه الآية الكريمة في المعنى.

عشنا جميعاً على هذه الأرض مختلفين في دياناتنا، متفقين على حب هذا الوطن الذي لا يقبل القسمة مطلقاً، عشنا ونحن نؤمن بأن التنوع جزء أصيل من ثقافتنا، فلا نجعل الأجندات الخارجية التي تحاول الفتك بوحدتنا الوطنية أن تأخذ الدين عذراً لفرقتنا.

وفي رسالة خاصة أوجهها للقائمين على مركز حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي أقترح أن نقيم فعالية نقدم من خلالها عروضاً تبين مدى التلاحم والوحدة بين مختلف طوائف البحرين على قرار العروض الإلكترونية المرئية «Ted»، نريد من خلال هذا المركز أن نعكس للعالم بأننا أرض تنوع فريد فبالرغم من اختلافنا الديني إلا أننا نحترم حرية الأديان والمعتقدات، وأن حب هذا الوطن هو الحصن المنيع الذي يحمي جبهتنا الداخلية. كم أحلم أن أرى أصدقائي وزملائي الذين أكن لهم كل حب وتقدير على اختلاف مذاهبنا وأدياننا «أحلم أن أراهم» يتحدثون عن ممارسة طقوسهم بحرية في البحرين» عن نفسي أريد أن أقف أمام العالم لأقول لهم «إن جواز سفري، وبطاقة هويتي لا تحتوي على «ديانتي أو طائفتي»، بل أنه لا يجرؤ أحد مطلقاً أن يسألني عن «ديانتي أو طائفتي» فهذا السؤال «مقزز» و«مجرم» في بلدي البحرين الحاضنة للجميع والتي لا تميز بين أحد من رعاياها.

لنوجه رسالة إلى العالم بمناسبة اليوم العالمي للتسامح ولنقول أمام الجميع إننا وعلى الرغم من اختلاف دياناتنا وطوائفنا إلا أننا متحدون على حب هذا الوطن المنفتح المتسامح.