يختلف المواطنون في الدول الغربية المتقدمة في السياسة لكنهم يتفقون في الرياضة، ففي أمريكا الجمهوري والديمقراطي، وفي بريطانيا العمالي والمحافظ، وفي فرنسا اليميني واليساري، ولكنهم جميعاً يتفقون وتتحد صفوفهم وأهدافهم في أن تتربع بلادهم علي قمة الرياضة العالمية في المونديال أوالأولمبياد أو غيرهما، فالرياضة لديهم هي المدخل الأكثر أهمية لزيادة الانتماء والمواطنة ودعم الهوية وزيادة التوافق والانسجام الاجتماعي حيث يجمعهم علم بلادهم ولا هم لهم سوى إبراز صورة إيجابية لبلدانهم على المستوى العالمي.

إن الجهود الكبيرة والسياسة الرياضية التي يقودها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، قد فعلت هذا التوجه العالمي على أرض البحرين، حيث استطاع بفكره ورؤيته خلال السنوات الماضية أن يغير معالم الخريطة الرياضية في البحرين، سواء في الأنشطة أو الفعاليات أو البنية التحتية أو الحضور المكثف للرياضة والعمل الشبابي في ذهنية الشعب البحريني بكل شرائحه، إضافة للمكانة الرياضية للبحرين على المستوى الخارجي.

فالمشاركة الفعالة لسمو الشيخ ناصر في كل هذه الفعاليات ودخوله حلبة المنافسة فيها على المستوى المحلي والعالمي وإحرازه لبطولات عالمية عديدة سواء في البحرين أو بريطانيا أو غيرهما قد لفت أنظار العالم المهتم بالرياضة ولفت أنظار الشباب البحريني حتى صار قدوة لهم، زادت من اهتمامهم وانخراطهم في الرياضة، وحفز كافة العاملين في الحقل الرياضي، كما وجه أنظار الإعلام الخارجي إلى ضرورة إرسال بعثات إعلامية لتغطية الفعاليات الكبرى التي تتم على أرض البحرين، والتي كان آخرها مسابقة «ايرون مان» التي نالت تغطية فضائية إقليمية واسعة.

فقد استطاع سموه أن يطرح اسم البحرين على الساحة الدولية من مدخل الرياضة بما يمثل دعاية مجانية للبحرين خارجياً انعكست آثارها في المزيد من الترويج السياحي والتجاري وزيادة إشغالات الفنادق والمطاعم بالأجانب الذين قدموا لمتابعة الأحداث الرياضية اللافتة للنظر هذا بجانب زيادة تدفق العملة الأجنبية داخل المملكة والتي نحتاجها إما لاستيراد السلع أو للتحويلات المالية الخاصة بالعمالة الأجنبية لبلدانهم الأصلية بعملات دولية وخاصة الدولار.

إن السمات الشخصية التي يتمتع بها سمو الشيخ ناصر ومنها الشخصية القيادية ومواصفات الرياضي المثالي والتنوع في الرياضات وحب التفوق والنجاح والإصرار عليه والقدرة على الحديث والخطابة والأعمال الأدبية والشعرية والقدرة على التعامل مع كافة أطراف الحقل الرياضي، إلى جانب سماته المرتبطة بمسؤولياته الرسمية كرجل دولة يسعى لنهضة الرياضة في بلاده عبر فتح المجال للمواهب والكفاءات والأسلوب العلمي في الإدارة، كل تلك السمات قد أهلته لكي يكون اسماً رياضياً وسياسياً كبيراً على المستوى الخارجي وجعلته على المستوى الداخلي قدوة ومثلاً أعلى للشباب البحريني يلتفون حوله ويتسابقون إلى فعالياته في كل مكان من أرض البحرين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، وبالتالي استطاع أن يوحد الشباب تحت راية واحدة جامعة، وهدف واحد، وهو علم البحرين، واسمها، بما يسهم في تحقيق الانسجام الاجتماعي وزيادة المواطنة بين الشباب، إضافة للترويج للبحرين خارجياً.

والنماذج العالمية التي لعبت الرياضة فيها دوراً في خدمة القضايا السياسية والاجتماعية للدول كثيرة، فقد استطاعت كل من كوريا واليابان أن تقدما صورة إيجابية عنهما خلال مونديال 2002، وهو ما أدى للمزيد من تدفق السائحين الأجانب على الدولتين، كذلك تمكنت المكسيك أن تقدم نفسها للعالم على أنها دولة آمنة مستقرة خالية من الصراعات بهدف الفوز بتنظيم مونديال 1986، والأمر نفسه بالنسبة للبرازيل التي أقنعت العالم بتنظيمها لمونديال 2014 حين ربطت بين فوزها بالتنظيم وبين مساعدة العالم لها على تجاوز أزمتها الاقتصادية.

وإذا كانت البحرين قد عرفت بوحدة الصف وعمق الانتماء وسماحة التعايش فإن الرياضة تلعب دوراً مهماً في تعميق هذا الانسجام الاجتماعي، لا سيما في ظل الدعم الكبير الذي تناله من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، ومن سمو الشيخ ناصر بن حمد، ووجود شخصيات رياضية بحرينية لها مكانة دولية مرموقة من بينهم الشيخ عيسى بن راشد والشيخ سلمان بن إبراهيم، ووجود بنية تحتية رياضية متميزة في عموم البحرين ووزارة لشؤون الشباب والرياضة بعد أن كانت مؤسسة عامة على رأسها وزير نشط هو السيد هشام الجودر الذي استطاع أن ينفذ بنجاح ومهنية فكر القيادة الرشيدة في القطاع الرياضي حتى وصل هذا القطاع للتقدم الذي هو عليه الآن.

* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال