* خبراء لـ "الوطن": سد النهضة أيقونة إثيوبية ولن يتأثر بالاضطرابات الحالية

* الفرقاء في أثيوبيا يختلفون على كل شيء إلا ملف سد النهضة والمياه

الخرطوم - محمد سعيد



أثار إعلان وزارة الدفاع الإثيوبية حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر في خضم الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ميريام ديسالين، التساؤلات حول مستقبل بناء سد النهضة في البلاد، والذي تتخوف القاهرة من أن يؤدي بناءه الضخم إلى انخفاض تدفق مياه النيل الذي يوفر نحو 90 % من احتياجات مصر المائية، فيما أعلنت مصر الأحد تأجيل الاجتماع الثلاثي مع السودان وإثيوبيا بشأن السد.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الخارجية السودانية تأجيل انعقاد الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة الذي كان مقرراً أن تستضيفه الخرطوم في مستوييه الفني والوزاري يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من فبراير الجاري. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير قريب الله الخضر في بيان ان قرار التأجيل جاء إستجابةً لطلب من الجانب الإثيوبي، على أن يتم الاجتماع في موعد لاحق يتم التوافق عليه بين الدول الثلاث. وأضاف الخضر "أن القمة التي جمعت رؤساء كل من: السودان، إثيوبيا ومصر في أديس أبابا، على هامش القمة الإفريقية الأخيرة، قد أقرت انعقاد هذا الاجتماع برئاسة وزراء الخارجية وحضور وزراء الري ومديري أجهزة المخابرات في الدول الثلاث، في محاولة لتحريك الجمود الذي اعترى المسار الفني للتفاوض حول سد النهضة منذ نوفمبر الماضي، إلا أن التطورات السياسية المتعلقة باستقالة رئيس الوزراء الإثيوبي والترتيبات الجارية لتعيين خلف له حدت بجمهورية إثيوبيا إلى طلب تأجيل الاجتماعات إلى حين انتخاب رئيس جديد للوزراء".

وتقدم رئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريم ديسالين، الخميس، باستقالته من منصبي رئيس الوزراء والائتلاف الحاكم. وتأتي الاستقالة وسط أزمة سياسية واضطرابات تشهدها البلاد منذ فترة طويلة دفعت الحكومة لإطلاق سراح آلاف السجناء لتهدئة التوترات.

واندلعت المظاهرات، التي استمرت لأسابيع، احتجاجا على خطط الحكومة بإقامة منطقة اقتصادية جديدة قرب العاصمة ستؤدي إلى نزوح المزارعين. واتهمت أديس أبابا جبهة تحرير أورومو الانفصالية وجماعة "7 جينبوت المعارضة" بالتورط في الاحتجاجات. وتعتبر كلا الجماعتين منظمات إرهابية.

وقال وزير الدفاع الإثيوبي سراج فقيسا للصحافيين إن حالة الطوارئ التي فرضت بعد استقالة رئيس الوزراء ستستمر 6 أشهر. وأضاف أن الحكومة الإثيوبية بذلت جهودا عدة لكبح العنف، لكن سقوط القتلى استمر وتشرد كثيرون وتضررت البنية التحتية الاقتصادية.

من جانبه، قال الكاتب الصحافي والخبير في الشؤون الإثيوبية محمد حامد جمعة لـ "الوطن" إن "الاستراتيجيات الحاكمة للمواقف الإثيوبية ستظل محل ثبات، خاصة ملف المياه وسد النهضة، وهي نقاط محل اتفاق بين الفرقاء في إثيوبيا رغم العواصف الأخرى في المشهد هناك".

واستبعد جمعة إرجاء العمل في سد النهضة إلى حين مرور عاصفة الاحتجاجات. وقال، "مسار العمل فني وهندسي ولا علاقة له بالتطورات السياسية التي تظل عملية خاصة بتدابير لا تتعلق إطلاقا بأي ارتباط بالسد والذي هو في إقليم بني شنقول الإثيوبي وعلى الحدود مع السودان ومؤمن بالكامل". وأضاف جمعة أن "مشروع السد صار أيقونة وطنية وهو محل الاتفاق دون بقية مواقف الفرقاء في الساحة الإثيوبية، ولذا غير وارد أي احتمال للتوقف خاصة أن الأمر هندسيا تجاوز تلك المرحلة لأنه الآن في مرحلة الثلث الأخير".

وحول مفاوضات المسار الفني قال الخبير محمد حامد جمعة، "ستتواصل دون أن يعني هذا ارتباط استمرار اجتماعاتها بأعمال البناء في السد وإن كان مفهوما توقف أي نقاشات في هذا الخصوص الآن مع ظروف إثيوبيا لأنها وإن كانت أمورا فنية فهي تتطلب مرات بعض الدعم والتشاور السياسي والحكومة الآن مكلفة ومنطقي أن يطلب المفاوض الإثيوبي أرجاء لاي أنشطة في هذا الخصوص الآن".

من جانبه، قال سفير السودان السابق لدى أديس أبابا الفريق عبد الرحمن سر الختم لصحيفة محلية، "نعلم أن سد النهضة مهدد أمني كبير لإثيوبيا من خلال حملة تقودها بعض الدول تستهدف السد". وأضاف "لا استبعد أن يكون للقوى الخارجية تأثير تام على أمن واستقرار إثيوبيا الذي صار مهما لكل إفريقيا والسلم العالمي بوصف أن أديس أبابا حاليا هي عاصمة إفريقيا السياسية".

وقال الإعلامي المهتم بالشأن الإثيوبي خالد ثابت لـ "الوطن" إن "سد النهضة مشروع قومي يتم تمويله عبر سندات يدفع قيمتها الشعب الإثيوبي بالداخل والخارج. وبالتالي لن يتأثر مطلقا بالأحداث الجارية حاليا". وأضاف ثابت "يجري العمل بمشروع سد النهضة دون توقف. وقريبا سيتم الإعلان عن بلوغه نسبة 70%".