بكين - (أ ف ب): انضم شي جينبينغ إلى قافلة كبار القادة الصينيين بعد عقدين من بروزه على الساحة السياسية كحاكم يسعى إلى مكافحة الكسب غير المشروع، لتتم في ما بعد مقارنته بمؤسس الشيوعية الصينية ماو تسي تونغ في سعيه لسلطة مطلقة.

وعزز البرلمان الصيني سلطات شي جينبينغ الاحد بتعديل الدستور والغاء الحد الاقصى للولايات الرئاسية.

وتسمح هذه الخطوة لشي "64 عاما" بالبقاء رئيسا مدى الحياة ما يجعله اشبه بامبراطور، واستكمال مسيرته لاعادة تشكيل الصين بحسب رؤيته.



وشي الذي فاز في أكتوبر الماضي بولاية ثانية في منصب الأمين العام للحزب الشيوعي خلال المؤتمر العام الذي ينظمه الحزب كل خمس سنوات، يتمتع بسلطات شبه مطلقة وبهالة اعجاب غير مسبوقة منذ عهد المؤسس ماو.

وعلى الرغم من أن والده شي جونغتشون، أحد أبطال الثورة الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء، شملته حملة التطهير التي قادها ماو نفسه، إلا أنه بقي وفياً لقيم الحزب الذي يتولى قيادته ويحكمه بقبضة حديدية.

وسجن والد شي في عهد ماو قبل ان يرد له اعتباره في عهد دينغ شياو بينغ.

وشي هو أول قيادي يولد بعدما أسس ماو تسي تونغ النظام في 1949.

وعانت بقية العائلة جراء تعرض شي جونغتشون للقمع، إلا أن شي جينبينغ تمكن من تسلق المراتب وصولاً إلى القمة.

وبدأ شي جينبينغ مسيرته سكرتيراً للحزب على مستوى البلدات في 1969، لكنه ارتقى في المناصب ليصبح حاكم ولاية فوجيان في 1999، ومن ثم زعيماً للحزب في جيجيانغ في 2002 وفي شنغهاي في 2007.

وفي العام نفسه تم تعيينه عضواً في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب.

وبسبب حملات ماو الاقتصادية الكارثية والثورة الثقافية الدموية "1966-1976" سعت قيادة الحزب الشيوعي إلى احتواء الفوضى عبر تقليص السلطات الرئاسية بواسطة نظام تتولى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي فيه سلطات موسعة.

وساهمت الخطوة في تركيز السلطة السياسية بيد زعيم واحد إلا أنها اعتبرت مسؤولة عن غياب القرار السياسي في بعض المجالات ما أدى إلى تزايد التلوث والفساد والاضطرابات الاجتماعية.

إلا أن "شي دادا" "العم شي"، وهي تسميته في الدعاية الشيوعية، خالف التقاليد المتبعة منذ توليه الرئاسة في 2013 وهو الآن يهيمن على البلاد ويتم تمجيد شخصيته.

ولجأ شي إلى حملات القمع ضد الفساد والدعوة إلى إعادة إحياء الحزب لكي يصبح أقوى قائد صيني منذ عقود.

وفي حديث أجراه مع وكالة فرانس برس في عام 2000 أعلن شي أن مكافحة الكسب غير المشروع والحفاظ على القيادة الحزبية يشكلان قضيتين اساسيتين بالنسبة اليه.

وتعهد شي عام 2000 بالقضاء على الفساد في أعقاب فضيحة تهريب 10 مليارات دولار، إلا أنه استبعد إجراء إصلاح سياسي لمواجهة المشكلة، معلناً أنه سيعمل في إطار هيكلية الحزب الواحد ونظام الاستشارات السياسية و"إشراف الجماهير".

وقال شي "يتعين على حكومة الشعب عدم تناسي كلمة "الشعب" وعلينا القيام بكل ما بوسعنا لخدمة الشعب، لكن دفع جميع مسؤولي الحكومة للقيام بذلك ليس سهلاً، وفي بعض الأحيان لا يتم ذلك بالشكل الصحيح وفي أحيان أخرى يتم بشكل سيء جداً".

وتتصدر صورة شي الآن الصفحات الأولى لكافة الصحف المحلية، وتفتتح النشرات الإخبارية المسائية بآخر إنجازاته وتوجيهاته.

وتبيع المحال لوحات تذكارية وتذكارات تحمل صورته إلى جانب ماو وقد راكم العديد من المناصب السياسية والعسكرية، من رئيس إلى رئيس اللجنة المركزية العسكرية، و"نواة" الحزب، إلى أن بات يطلق عليه لقب "رئيس كل شيء".

وانتخبت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي شي جينبينغ في أكتوبر أميناً عاماً للحزب وأقرت إدراج فكره في عقيدة الحزب إلى جانب القائدين ماو ودنغ.

وفي حين يدعو شي إلى "إعادة إحياء" الصين كقوة عظمى، كرس الرئيس الصيني صورته كرجل الشعب الذي يرتدي الملابس المتواضعة ويشتري الكعك المخبوز على البخار من أحد المحال العادية.

وعقب طلاقه من زوجته السابقة تزوج شي من مغنية الاوبرا بنغ ليوان في 1987 عندما كانت تفوقه شهرة. وترتاد ابنتهما شي مينغزي جامعة هارفرد إلا أنها تبقى بعيدة عن الأنظار.

ومنذ توليه قيادة الحزب الشيوعي الصيني في نهاية 2012 ثم رئاسة الدولة مطلع 2013، عزز شي سلطة النظام. وقد صدر قانون يقمع بقسوة أي معارضة على الإنترنت، وصدرت أحكام قاسية بالسجن على مدافعين عن حقوق الإنسان. وهو لا يتحمل أية سخرية أو تشهير يطاول شخصه.

وتم حذف كل التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي شبهته بشخصية الدب الكرتوني "ويني ذا بو" كما أن أحد المعلقين الذي أطلق على الرئيس تسمية "شي رجل كعكة البخار" أودع السجن لعامين.