* واشنطن وباريس تتحدثان عن عبث بالأدلة في دوما

* إعلام النظام: كتيبة "مغاوير الصحراء" تعود إلى "حضن الأسد"

* انشقاقات واقتتال في صفوف "داعش" بدير الزور



دمشق - رامي الخطيب، وكالات

قال خبراء ومسؤولون غربيون إن لدى محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين دخلوا الثلاثاء إلى دوما بعد 10 أيام من هجوم كيميائي نفذه جيش الرئيس بشار الأسد وأسفر عن مقتل واصابة المئات، وفقاً للمعارضة، في المدينة القريبة من دمشق، فرصاً ضئيلة لجمع أدلة دامغة، في حين قالت واشنطن أنها تعتقد أن مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم يدخلوا موقع الهجوم الكيميائي في دوما، بينما استسلمت فصائل المعارضة في مدينة الضمير بريف دمشق لجيش الأسد، وسط استعدادات لإجلائها عن المنطقة بموجب اتفاق إبرم بين قادة الفصائل المعارضة في المنطقة وروسيا.

وذكرت مصادر أن "فصائل المعارضة قررت الاستسلام بعد أن فرضت قوات الأسد حصاراً على المدينة المدمرة، ومن ثم ليس هناك تكافؤ في القوة مثلما حدث في الغوطة".

وتحدث إعلام نظام الأسد عن انشقاق كتيبة مغاوير الصحراء في مدينة الضمير عن الجيش السوري الحر والتحاقها بصفوف قوات الأسد والتي تتكون من 60 مقاتلاً تحت عنوان ما بات يسمى بـ "العودة إلى حضن الوطن''.

ومازالت الجهة التي سيتوجه إليها المقاتلون مجهولة لكن يرجح أنها مناطق درع الفرات في ريف حلب لأن أغلب فصائل مدينة الضمير تنتسب إلى جيش الإسلام غير المرحب به في محافظة إدلب شمال غرب البلاد بسبب عدائه لهيئة تحرير الشام وحلفائها ذوات النفوذ الواسع في ذات المحافظة.

من ناحية أخرى، اشتبك جيش الأسد مع تنظيم الدولة "داعش" بالمدفعية الثقيلة في العاصمة دمشق مما أدى لسقوط ضحايا مدنيين وسط استعدادات حكومة الأسد لعمل عسكري كبير للسيطرة على الأحياء الجنوبية للعاصمة والتي تتقاسمها فصائل الجيش الحر وتنظيم الدولة.

من جهة ثانية، اكدت شبكة "فرات بوست" أن "هناك انشقاق كبير في صفوف تنظيم الدولة "داعش"، في ريف دير الزور بين الأجانب المنتسبين للتنظيم والسوريين بسبب اختفاء زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي منذ فترة بعيدة وهو ما يعتبر عائقاً عن تأدية مهامه وبالتالي يجب أن يبحثوا عن زعيم آخر ليبايعوه كـ ''خليفة'' حسب رأي السوريين في التنظيم، بينما يرى الأجانب الالتزام بالبيعة القديمة، وقد أسفرت اشتباكات متقطعة بين الجانبين عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين".

وفي تطور ملحوظ، دخل خبراء دوليون الثلاثاء مدينة دوما، وفق الإعلام الرسمي السوري، للتحقيق في هجوم كيميائي مفترض وقع قبل 10 أيام واتهمت دول غربية دمشق بشنه ما دفعها لتوجيه ضربات عسكرية في البلاد.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت، سابقاً أن نحو 500 شخص تلقوا علاجاً بسبب أعراض تتفق مع التعرض لمواد كيميائية سامة، إثر هجوم بغاز سام على مدينة دوما في الغوطة الشرقية .

وبعد مضي كل هذا الوقت منذ 7 ابريل في منطقة بات يسيطر عليها الجيش السوري الذي اتهمه مسعفون باستخدام السلاح الكيميائي، يواجه المحققون وفق أوليفييه لوبيك الباحث المشارك في مؤسسة البحث الاستراتيجي المختص في الأسلحة الكيميائية، "مهمة، إن لم تكن مستحيلة، فهي غاية في التعقيد".

وأضاف "مثل كل مسرح للجريمة، لا بد من الوصول إلى الموقع في أسرع وقت. هنا، مر وقت يفوق بكثير ما ينص عليه نظام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" وهو من 24 إلى 48 ساعة.

وقال إنه من جهة ثانية فإن المنطقة تسيطر عليها القوات السورية والروسية "وهما المشتبه بهما الرئيسيان في القضية، وهكذا يمكن أن نتخيل المسعى الهائل لتنظيف المكان".

ورجحت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء "أن تختفي أدلة وعناصر أساسية" من الموقع، مشيرة إلى تأخير سوريا وروسيا دخول المحققين الذين وصلوا إلى سوريا في 14 ابريل.

لكن روسيا نفت أي سوء نية متحدثة عن "مسائل أمنية" أخرت دخولهم.

وقال لوبيك إنه "أمر مستغرب، لو لم يكن لدى الروس والسوريين ما يؤاخذون عليه، أن ينتظروا 36 إلى 72 ساعة للسماح للمحققين بدخول الموقع بذرائع أمنية واهية. الأرجح انه لكسب الوقت لانهاء التنظيف".

وقال السفير الامريكي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كين وارد أن "الروس ربما تفقدوا الموقع. نخشى أن يكونوا عبثوا به لإحباط جهود مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإجراء تحقيق فعال (...) هذا يطرح أسئلة جدية حول قدرة بعثة التحقيق على أداء عملها".

وسيعمل المحققون المكلفون على تأكيد وقوع هجوم كيميائي دون توجيه أصابع الاتهام إلى أي طرف، وفق الإجراءات المعتادة، على جمع عينات من الأرض والركام ونباتات يحملونها معهم لتحليلها.

وقال لوبيك "يبدو أنه عثر على عناصر كيميائية على أسطح بعض المباني، لكن هنا أيضاً يسهل تنظيف ذلك. ينبغي أن تكون في منتهى السذاجة لكي تصدق أن السوريين ختموا المبنى بالشمع الأحمر".

وعدا عن العينات الكيميائية والمادية سيحاول المحققون جمع عينات بيولوجية من الجرحى وحتى الجثث التي تحمل آثار مواد سامة يمكن أن تبقى فترة طويلة. ولكن لوبيك قال إنه "ينبغي أن يصل المحققون إلى الجرحى الحقيقيين في الهجوم او الى الجثث الفعلية".

وسيشمل التحقيق ظروف الهجوم المفترض عبر الاستماع إلى شهادات ما قد يكون صعباً كذلك.

وعلم لدى أوساط وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الثلاثاء أن أنظمة المراقبة الأمريكية رصدت في وقت الهجوم المفترض "عملية عسكرية تنفذها القوات السورية باستخدام مروحيات".

ونظراً لأن الفصائل المقاتلة المعارضة لا تملك مروحيات "هذا يعني أن النظام هو المسؤول" بحسب خبير طلب عدم الكشف عن اسمه.

وقال لوبيك إن "كل ساعة تمر تزيد من صعوبة التحقيق. وفي مثل هذه القضايا، فإن الحصول على أدلة دامغة مسألة غاية في التعقيد، عليكم إذن أن تتخيلوا بعد 10 أيام أن فرص العثور على دليل دامغ تضمحل" في حين أن الجهة المتهمة تسيطر على المكان.

وفيما أشادت واشنطن بالضربات التي استهدفت 3 مواقع سورية فجر السبت، قللت كل من السلطات السورية وفصائل المعارضة من تداعياتها، خصوصاً أن المواقع المستهدفة كانت خالية بعدما أبلغت الدول الغربية روسيا بأمرها.

وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء ان الضربات "لا تحل شيئا"، واعتبر أنها "تضع حدا لنظام اعتدنا عليه، نظام كان معسكر أصحاب الحق سيتحول فيه نوعاً ما إلى معسكر الضعفاء".

وشدد على ضرورة التركيز على التوصل إلى حل سياسي يشمل جميع الأطراف.

إلا أن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيببنزيا اعتبر الثلاثاء أن جهود أحياء العملية السياسية "في غير وقتها" بعدما طرحت الدول الثلاث مشروع قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار ويطالب بالدخول في محادثات سلام.

ورأى مراقبون عدة أن الرئيس السوري بشار الأسد خرج أقوى بعد الضربات "المحدودة" ضد مواقع خالية كونها أظهرت عدم قدرة الغرب أو حتى عدم استعداده للإطاحة به.

وأعلن مصدر في قصر الإيليزيه مساء الاثنين أن ماكرون بدأ إجراءات ترمي إلى تجريد الأسد من وسام جوقة الشرف الذي قلّده إياه الرئيس الأسبق جاك شيراك في عام 2001.

إلى ذلك، شدد رئيسا تركيا وإيران خلال اتصال هاتفي الثلاثاء على "أهمية مواصلة الجهود المشتركة التي تبذلها تركيا وإيران وروسيا" في سوريا، وفق مصدر في الرئاسة التركية، رغم تأييد أنقرة للضربات الغربية.

وترعى الدول الثلاث منذ أكثر من عام محادثات سلام في أستانا، واتفاقات خفض توتر في مناطق سورية عدة.

وسحبت دمشق الثلاثاء تقارير حول اعتداء صاروخي على أراضيها ليلاً بعد ساعات من إعلان الإعلام الرسمي عن تصدي الدفاعات الجوية السورية لـ"عدوان" خارجي وإسقاطها عددا من الصواريخ.

وقال مصدر عسكري، وفق وكالة "سانا"، إن "إنذاراً خاطئاً باختراق الأجواء الليلة الماضية أدى إلى إطلاق صفارات الدفاع الجوي وعدد من الصواريخ ولم يكن هناك أي اعتداء خارجي على سوريا".

وبعد استعادة الغوطة الشرقية بالكامل، يسعى الجيش السوري حالياً إلى ضمان أمن العاصمة دمشق إن كان عبر اتفاقات إجلاء جديدة أو عمليات عسكرية.

وأعلن الإعلام الرسمي السوري الثلاثاء التوصل إلى اتفاق جديد لإخراج مقاتلين معارضين من بلدة الضمير في القلمون الشرقي قرب دمشق.

وتدور مفاوضات حالياً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، حول بلدات أخرى مجاورة في القلمون الشرقي وجنوب دمشق.

ويستعد الجيش السوري أيضاً لشن هجوم وشيك على الأحياء تحت سيطرة تنظيم الدولة "داعش"، جنوب العاصمة.