نتساءل إلى إين سوف توصلنا حرب المعلوماتية التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية التي تنشر الأخبار والشائعات والمعلومات الصحيحة وغير الصحيحة والمفبركة حيث الدعايات والمعلومات الخاطئة التي تحبط الناس أحياناً، إنها حرب لا تقل هوادة عن الحرب العسكرية أو المواجهات السياسية الساخنة، فلربما تكون في بعض الجوانب أشد خطراً منها حيث لا يأمن الإنسان على خصوصية حياته، إنها كالنار في الهشيم خاصة ونحن في عصر اهتزت مكانة القيم الأخلاقية حيث لا وازع أو ضمير عند بعض الأفراد وأصبحت المعلومات تجارة حيث يتم تداول الشائعات والأكاذيب والتهم فيها.

أمام هذا الواقع كم نحن بحاجة إلى المكاشفة والمصارحة عبر إعلام متطور يكشف الحقائق للناس قبل أن تصل إليهم من مصدر آخر حيث إن سياسة الأبواب المغلقة اخترقت اليوم، حيث إن المعلومة إذا لم تأتِ من الباب سوف تأتي من النافذة، فأنت مكشوف في بيتك وحتى في غرفت نومك، تفتح جهاز اللاب توب تجد هناك من يراك ولا تراه يخاطبك ولا تدري من هو!

ولذا نحن بحاجة إلى الرسالة الإعلامية الواضحة التي لا تزيد ولا تنقص للمتلقي المشاهد أو المستمع أو القارئ الذي أصبح لا يعرف من يصدق؟ نسمع أخباراً بالليل وفي الصباح يتم تكذيبها وكما يقال في المثل، «كلام الليل يمحوه النهار».

ولعل أكبر دليل على عدم وضوح الرسالة الإعلامية، أين كان مصدرها، ما أثارته موافقة مجلس الشورى على قانون التقاعد الجديد من ضجة إعلامية، حيث كان من باب أولى أن يظهر علينا متحدث إعلامي من مجلس الشورى يوضح فيه الحقيقة عن مزايا القانون الجديد ولماذا وافق علية المجلس؟ المواطن البسيط لا يعرف عن هذا القانون شيئاً ولو سألته عن هذا القانون سوف يجيبك ببساطة أنه ضد القانون مادام لم يحصل على المكافأة! كل ذلك حدث بسبب أن المجلس اتخذ موقفاً لا أتكلم ولا أرى ولا أسمع، أما أن يترك المجلس الحبل على الغارب للنواب بالإدلاء بمواقفهم من القانون من خلال وسائل الإعلام دون رقيب أو حسيب وتسرعهم في ذلك كان خطأ كبيراً من المجلس، وسواء تمكنت الحكومة من تمرير هذا القانون على المجلسين أو لم تستطع فإن هناك آثاراً سلبية ترتبت على كل ما حدث، أولها أن الثقة بين الجمهور ومجلس الشورى قد اهتزت.

وبالمناسبة، هناك أسئلة تطرح نفسها وهي: هل النظام المعمول به هو أن يتم تحويل القوانين على مجلس الشورى أو على مجلس النواب أولاً؟ ومن يملك الصلاحيات والأدوات الرقابية الأكثر: مجلس منتخب من الشعب أم مجلس معين من قبل الحكومة؟ أم أن هناك تغيراً صار في الأدوار!

في كل الأحوال فإن من الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار هي أن المتقاعدين أو المقبلين على التقاعد هم فئة خدمت الوطن وكرسوا حياتهم وجهدهم له، ولذا وجب على الدولة أن توفر لهم سبل المعيشة التي تدخل إلى نفوسهم الراحة والاطمئنان عليهم وعلى أسرهم، لا أن يكونوا هم كبش فداء لأي متغيرات وألا تمس حقوقهم، حيث إن هذه المكافآت التي سوف يحصلون عليها في نهاية الخدمة هي أموالهم وهي حق من حقوقهم المشروعة التي كفلتها لهم قوانين العمل وليس من حق أحد منعهم من الحصول عليها سواء كان المجلس الوطني أو الشورى اللذين هما بحاجة إلى أن يعززا ثقتهما بالجمهور حتى يكون البناء المؤسسي الدستوري قوياً.

وإننا لعلى ثقة في حكمة جلالة الملك وحرصه على مصلحة شعبه، فكانت له المواقف المشرفة في الكثير من القضايا التي تمس القضايا المعيشية التي تمس الناس، ولذا كان تعلقهم وثقتهم بجلالة الملك، وما توجيهات جلالة الملك التي كنا منه نتوقعها إلى الحكومة بإعادة دراسة القانون وإرجاعه إلى المجلسين إلا دليل على ذلك. وأنا أكتب هذا المقال كنت أتوقع تدخل جلالة الملك ونأمل أكثر من ذلك وهو أن يصدر أمره السامي بإيقاف هذا القانون، كما حدث منذ سنتين عندما أصدر أمره السامي لإيقاف قرار وقف الزيادة السنوية.

نخرج من كل ذلك بدروس مهمة، وهي أن على المجلس الوطني بشقيه مجلس النواب ومجلس الشورى أن ينظم نفسه من الداخل ويكون هناك متحدث رسمي واحد للمجلس، لا أن يترك الأمر للنواب الذين لا يعرفون القوانين ويجهلون الكثير من اللوائح الداخلية للمجلس سواء النواب أو الشورى.

كان من المفروض على مجلسي الشورى والنواب أن يستفيدوا من التجارب السابقة وخاصة عندما يتعلق الآمر بالمال العام ولا يوقعوا أنفسهم في مثل هذه المواقف المحرجة، حيث قبل سنتين عندما تم إصدار قرار بإيقاف الزيادة السنوية تدخل الملك وأصدر أمره السامي بوقف القرار، ولذا يجب أن تتم مناقشة مثل هذه القرارات مناقشة مستفيضة قبل إصدارها وخاصة تلك التي تتعلق بالقضايا المعيشية للناس، فلقد نتج عن قرارهم هذا كثير من الآثار النفسية على المواطن لولا تدخل جلالة الملك. أصبح يبدو للمواطن أن المجلس الوطني وخاصة مجلس الشورى لا يتحسس قضايا الناس.

وفي الختام نقول شكراً لجلالة الملك الذي نحتمي به في كل المواقف، وحفظ الله مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.